ونار جميع الفرس بأخت وأظلمت * وقد بات شاه الفرس في أعظم الكرب وصدت عن الكهان بالغيب جنها * فلا مخبر عنهم بحق ولا كذب فيا لقصي ارجعوا عن ضلالكم * وهبوا إلى الاسلام والمنزل الرحب قال فلما سمعوا ذلك خلصوا نجيا (1) فقال بعضهم لبعض تصادقوا وليكتم بعضكم على بعض، فقالوا أجل، فقال لهم ورقة بن نوفل تعلمون والله ما قومكم على دين ولقد أخطئوا الحجة وتركوا دين إبراهيم ما حجر تطيفون به لا يسمع ولا يبصر ولا ينفع ولا يضر يا قوم التمسوا لأنفسكم الدين [فإنكم والله ما أنتم على شئ]. قال فخرجوا عند ذلك يضربون في الأرض ويسألون عن الحنيفية دين إبراهيم عليه السلام فأما ورقة بن نوفل فتنصر وقرأ الكتب حتى علم علما، وأما عثمان بن الحويرث فسار إلى قيصر فتنصر وحسنت منزلته عنده. وأما زيد بن عمرو بن نفيل فأراد الخروج فحبس (2) ثم إنه خرج بعد ذلك فضرب في الأرض حتى بلغ الرقة (3) من أرض الجزيرة فلقي (4) بها راهبا عالما فأخبره بالذي يطلب فقال له الراهب إنك لتطلب دينا ما تجد من يحملك عليه، ولكن قد أظلك زمان نبي يخرج من بلدك يبعث بدين الحنيفية فلما قال له ذلك رجع يريد مكة فغارت عليه لخم فقتلوه، وأما عبد الله بن جحش فأقام بمكة حتى بعث النبي صلى الله عليه وسلم ثم خرج مع من خرج إلى أرض الحبشة، فلما صار بها تنصر وفارق الاسلام فكان بها حتى هلك هنالك نصرانيا. تقدم في ترجمة زيد بن عمر بن نفيل له شاهد (5) وقد قال الخرائطي: حدثنا أحمد بن إسحاق بن صالح أبو بكر الوراق، حدثنا عمرو بن عثمان، حدثني أبي حدثنا عبد الله بن عبد العزيز (6) حدثني محمد بن عبد العزيز، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن أنس السلمي، عن العباس بن مرداس أنه كان يعر (7) في لقاح له نصف النهار إذ طلعت عليه نعامة بيضاء عليها راكب عليه ثياب بياض مثل اللبن فقال: يا عباس بن مرداس ألم تر أن السماء قد كفت أحراسها، وأن الحرب تجرعت أنفاسها، وأن الخيل وضعت أحلاسها، وأن الذي نزل بالبر والتقوى، يوم الاثنين ليلة الثلاثاء، صاحب الناقة القصوى. قال: فرجعت
(٤١٦)