سلمة قال: لم يكن في بني عبد الأشهل إلا يهودي واحد يقال له يوشع، فسمعته يقول - وإني لغلام في إزار - قد أظلكم خروج نبي يبعث من نحو هذا البيت. ثم أشار بيده إلى بيت الله، فمن أدركه فليصدقه. فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمنا وهو بين أظهرنا لم يسلم حسدا وبغيا. وقد قدمنا حديث أبي سعيد عن أبيه في أخبار يوشع هذا عن خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفته ونعته وأخبار الزبير بن باطاعن ظهور كوكب مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم ورواه الحاكم عن البيهقي بإسناده من طريق يونس بن بكير عنه.
قال ابن إسحاق: حدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن شيخ من بني قريظة قال: قال لي:
هل تدري عم كان اسلام ثعلبة بن سعية وأسيد بن سعية، وأسد بن عبيد - نفر من بني هدل، أخوة بني قريظة كانوا معهم في جاهليتهم، ثم كانوا سادتهم في الاسلام - قال: قلت: لا، قال: فإن رجلا من اليهود من أرض الشام يقال له ابن الهيبان قدم علينا قبل الاسلام بسنين فحل بين أظهرنا، لا والله ما رأينا رجلا قط لا يصلي الخمس أفضل منه، فأقام عندنا فكنا إذا قحط عنا المطر قلنا له: أخرج يا بن الهيبان فاستسق لنا، فيقول: لا والله حتى تقدموا بين يدي مخرجكم صدقة، فنقول له كم؟ فيقول صاعا من تمر، أو مدين من شعير. قال فنخرجها، ثم يخرج بنا إلى ظاهر حرثنا (1) فيستسقي لنا، فوالله ما يبرح مجلسه حتى يمر السحاب ويسقى. قد فعل ذلك غير مرة ولا مرتين ولا ثلاثا. قال: ثم حضرته الوفاة عندنا، فلما عرف أنه ميت قال: يا معشر يهود ما ترونه أخرجني من أرض الخمر والخمير إلى أرض البؤس والجوع؟ قال قلنا أنت أعلم قال:
فإني إنما قدمت هذه البلدة أتوكف (2) خروج نبي قد أظل زمانه، هذه البلدة مهاجره فكنت أرجو أن يبعث فاتبعه، وقد أظلكم زمانه فلا تسبقن إليه يا معشر يهود، فإنه يبعث بسفك الدماء وسبي الذراري [والنساء] فيمن خالفه فلا يمنعنكم ذلك منه. فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وحاصر (3) بني قريظة قال هؤلاء الفتية - وكانوا شبابا أحداثا -: يا بني قريظة والله إنه للنبي الذي عهد إليكم فيه ابن الهيبان. قالوا ليس به قالوا بلى والله إنه لهو بصفته، فنزلوا فأسلموا فأحرزوا دماءهم وأموالهم وأهليهم.
قال ابن إسحاق فهذا ما بلغنا عن أحبار يهود.
قلت: وقد قدمنا في قدوم تبع اليماني وهو أبو كرب تبان أسعد إلى المدينة ومحاصرته إياها وأنه خرج إليه ذانك الحبران من اليهود فقالا له إنه لا سبيل لك عليها، أنها مهاجر بني يكون في آخر الزمان فثناه ذلك عنها. وقد روى أبو نعيم في الدلائل من طريق الوليد بن مسلم حدثنا محمد بن حمزة بن يوسف بن عبد الله بن سلام عن أبيه عن جده. قال قال عبد الله بن سلام: إن