عتوارة الخزاعي عن سعير بن سوادة العامري قال كنت عشيقا لعقيلة من عقائل الحي، أركب لها الصعب والذلول لا أبقى من البلاد مسرحا أرجوا ربحا في متجر إلا أتيته، فانصرفت من الشام بحرث وأناث أريد به كبة (1) الموسم ودهماء العرب، فدخلت مكة بليل مسدف فأقمت حتى تعرى عني قميص الليل فرفعت رأسي فإذا قباب مسامتة شعف الجبال، مضروبة بأنطاع الطائف وإذا جزر تنحر وأخرى تساق، وإذا أكلة وحثثة على الطهاة يقولون: ألا عجلوا ألا عجلوا، وإذا رجل يجهر على نشز من الأرض، ينادي يا وفد الله ميلوا إلى الغداء. وأنيسان على مدرجة يقول: يا وفد الله من طعم فليرح إلى العشاء، فجهرني (2) ما رأيت فأقبلت أريد عميد القوم، فعرف رجل الذي بي، فقال أمامك، وإذا شيخ كأن في خديه الأساريع (3)، وكأن الشعرى توقد من جبينه، قد لاث على رأسه عمامة سوداء قد أبرز من ملائها جمة فينانة كأنها سماسم. قال في بعض الروايات تحته كرسي سماسم (4) ومن دونها نمرقة بيده قضيب متخصر به حوله شمايخ جلس نواكس الأذقان ما منهم أحد يفيض بكلمة. وقد كان نمي إلي خبر من أخبار الشام أن النبي الأمي هذا أوان نجومه، فلما رأيته ظننته ذلك. فقلت السلام عليك يا رسول الله. فقال: مه مه، كلا وكأن قد وليتني إياه فقلت من هذا الشيخ؟ فقالوا هذا أبو نضلة (5)، هذا هاشم بن عبد مناف، فوليت وأنا أقول هذا والله المجد لا مجد آل جفنة - يعني ملوك عرب الشام من غسان كان يقال لهم آل جفنة -. وهذه الوظيفة التي حكاها عن هاشم هي الرفادة يعني إطعام الحجيج زمن الموسم.
وقال أبو نعيم: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر حدثنا محمد بن أحمد بن أبي يحيى حدثنا سعيد بن عثمان حدثنا علي بن قتيبة الخراساني حدثنا خالد بن الياس عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي الجهم عن أبيه عن جده. قال سمعت أبا طالب يحدث عن عبد المطلب قال. بينا أنا نائم في الحجر إذ رأيت رؤيا هالتني ففزعت منها فزعا شديدا، فأتيت كاهنة قريش وعلي مطرف خز وجمتي تضرب منكبي فلما نظرت إلي عرفت في وجهي التغيير وأنا يومئذ سيد قومي فقالت: ما بال سيدنا قد أتانا متغير اللون؟ هل رابه من حدثان الدهر شئ؟ فقلت لها بلى! وكان لا يكلمها أحد من الناس حتى يقبل يدها اليمني، ثم يضع يده على أم رأسها ثم يذكر حاجته ولم أفعل لأني [كنت]