عنه. فقال الخثعمي: من يعديني على هذا الرجل؟ فقيل له عليك بحلف الفضول (1). فوقف عند الكعبة ونادى يا آل حلف الفضول: فإذا هم يعنقون إليه من كل جانب، وقد انتضوا أسيافهم يقولون: جاءك الغوث فما لك؟ فقال إن نبيها ظلمني في بنتي وانتزعها مني قسرا فساروا معه حتى وقفوا على باب داره، فخرج إليهم فقالوا له أخرج الجارية ويحك فقد، علمت من نحن وما تعاقدنا عليه، فقال افعل، ولكن متعوني بها الليلة، فقالوا لا والله ولا شخب لقحة فأخرجها إليهم وهو يقول:
راح صحبي ولم أحيي القتولا * لم أودعهم وداعا جميلا إذ أجد الفضول أن يمنعوها * قد أراني ولا أخاف الفضولا لا تخالي أني عشية راح الركب * هنتم علي أن لا يزولا وذكر أبياتا أخر غير هذه. وقد قيل إنما سمي هذا حلف الفضول لأنه أشبه حلفا تحالفته جرهم على مثل هذا من نصر المظلوم على ظالمه. وكان الداعي إليه ثلاثة من أشرافهم اسم كل واحد منهم فضل: وهم الفضل بن فضالة، والفضل بن وداعة، والفضل بن الحارث. هذا قول ابن قتيبة (1). وقال غيره الفضل بن شراعة، والفضل بن بضاعة، والفضل بن قضاعة وقد أورد السهيلي هذا رحمه الله.
وقال محمد بن إسحاق بن يسار: وتداعت قبائل من قريش إلى حلف فاجتمعوا له في دار عبد الله بن جدعان لشرفه وسنه. وكان حلفهم عنده بنو هاشم وبنو عبد المطلب وبنو أسد بن عبد العزى وزهرة بن كلاب وتيم بن مرة. فتعاهدوا وتعاقدوا على أن لا يجدوا بمكة مظلوما من أهلها وغيرهم ممن دخلها من سائر الناس إلا كانوا معه وكانوا على من ظلمه حتى يرد عليه مظلمته فسمت قريش ذلك الحلف حلف الفضول.
قال محمد بن إسحاق: فحدثني محمد بن زيد بن المهاجر [بن] قنفذ التيمي أنه سمع طلحة بن عبد الله بن عوف الزهري يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفا ما أحب أن لي به حمر النعم ولو دعي به في الاسلام لأجبت ".
قال ابن إسحاق: وحدثني يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد الليثي أن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي حدثه أنه كان بين الحسين بن علي بن أبي طالب وبين الوليد بن عتبة بن أبي سفيان - والوليد يومئذ أمير المدينة، أمره عليها عمه معاوية بن أبي سفيان. منازعة في مال كان بينهما بذي المروة (2) فكان الوليد تحامل على الحسين في حقه لسلطانه، فقال له الحسين:
أحلف بالله لتنصفني من حقي أو لآخذن سيفي ثم لأقومن في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم لأدعون