هاشم. ثم ذكر جمعه بناته وأمره إياهن أن يرثينه. وهن أروى وأميمة، وبرة، وصفية، وعاتكة، وأم حكيم البيضاء وذكر أشعارهن وما قلن في رثاء أبيهن وهو يسمع قبل موته وهذا أبلغ النوح. وبسط القول في ذلك وقد قال ابن هشام ولم أر أحدا من أهل العلم بالشعر يعرف هذا الشعر (1) قال ابن إسحاق: فلما هلك عبد المطلب بن هاشم ولي السقاية وزمزم بعده ابنه العباس، وهو من أحدث إخوته سنا فلم تزل إليه حتى قام الاسلام وأقرها في يده رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد جده عبد المطلب مع عمه أبي طالب لوصية عبد المطلب له به، ولأنه كان شقيق أبيه عبد الله أمهما فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم. قال فكان أبو طالب هو الذي يلي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم [بعد جده] وكان إليه ومعه. وقال الواقدي: أخبرنا معمر عن ابن نجيح عن مجاهد. وحدثنا معاذ بن محمد الأنصاري عن عطاء عن ابن عباس. وحدثنا محمد بن صالح وعبد الله بن جعفر وإبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة - دخل حديث بعضهم في حديث بعض - قالوا: لما توفي عبد المطلب قبض أبو طالب رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يكون معه، وكان أبو طالب لا مال له، وكان يحبه حبا شديدا لا يحبه ولده، وكان لا ينام إلا إلى جنبه، ويخرج فيخرج معه.
وصب به أبو طالب صبابة لم يصب مثلها بشئ قط. وكان يخصه بالطعام وكان إذا أكل عيال أبي طالب جميعا أو فرادى لم يشبعوا، وإذا أكل معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم شبعوا. فكان إذ أراد أن يغديهم قال كما أنتم حتى يأتي ولدي. فيأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأكل معهم فكانوا يفضلون من طعامهم، وإن لم يكن منهم (2) لم يشبعوا، فيقول أبو طالب: إنك لمبارك. وكان الصبيان يصبحون رمصا شعثا، ويصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم دهينا كحيلا (3).
وقال الحسن بن عرفة حدثنا علي بن ثابت عن طلحة بن عمرو سمعت عطاء بن أبي رباح سمعت ابن عباس يقول: كان بنو أبي طالب يصبحون رمصا عمصا ويصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم صقيلا دهينا وكان أبو طالب يقرب إلى الصبيان صفحتهم أول البكرة، فيجلسون وينتهبون ويكف رسول الله صلى الله عليه وسلم يده فلا ينتهب معهم. فلما رأى ذلك عمه عزل له طعامه على حدة.
وقال ابن إسحاق: حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير أن أباه حدثه أن رجلا من لهب (4) كان عائفا فكان إذا قدم مكة أتاه رجال من قريش بغلمانهم ينظر إليهم ويعتاف لهم فيهم.