بقبر كافر فبشره بالنار " قال فأسلم الأعرابي بعد ذلك. فقال: لقد كلفني رسول الله صلى الله عليه وسلم تعبا، ما مررت بقبر كافر إلا بشرته بالنار. غريب ولم يخرجوه من هذا الوجه (1). وقال الإمام أحمد حدثنا أبو عبد الرحمن حدثنا سعيد - هو ابن أبي أيوب - حدثنا ربيعة بن سيف المعافري عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو. قال بينما نحن نمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ بصر بامرأة لا بظن أنه عرفها، فلما توسط الطريق وقف حتى انتهت إليه، فإذا فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
" ما أخرجك من بيتك يا فاطمة؟ فقالت أتيت أهل هذا البيت فترحمت إليهم ميتهم وعزيتهم.
قال: " لعلك بلغت معهم الكدى " (2) قالت معاذ الله أن أكون بلغتها معهم وقد سمعتك تذكرني في ذلك ما تذكر (3). قال: " لو بلغتيها معهم ما رأيت الجنة حتى يراها جد أبيك " ثم رواه أحمد وأبو داود والنسائي والبيهقي (4) من حديث ربيعة بن سيف بن مانع المعافري الصنمي الإسكندري وقد قال البخاري عنده مناكير. وقال النسائي: ليس به بأس وقال مرة صدوق، وفي نسخة ضعيف. وذكره ابن حبان في الثقات وقال كان يخطئ كثيرا. وقال الدارقطني صالح. وقال ابن يونس في تاريخ مصر في حديثه مناكير توفي قريبا من سنة عشرين ومائة، والمراد بالكدى القبور - وقيل النوح -.
والمقصود أن عبد المطلب مات على ما كان عليه من دين الجاهلية خلافا لفرقة الشيعة فيه وفي ابنه أبي طالب على ما سيأتي في وفاة أبي طالب، وقد قال البيهقي - بعد روايته هذه الأحاديث في كتابه دلائل النبوة: وكيف لا يكون أبواه وجده عليه الصلاة والسلام بهذه الصفة في الآخرة وقد كانوا يعبدون الوثن، حتى ماتوا ولم يدينوا دين عيسى بن مريم عليه السلام، وكفرهم لا يقدح في نسبه عليه الصلاة والسلام لان أنكحة الكفار صحيحة. ألا تراهم يسلمون مع زوجاتهم فلا يلزمهم تجديد العقد ولا مفارقتهن إذا كان مثله يجوز في الاسلام وبالله التوفيق. انتهى كلامه.
قلت: واخباره صلى الله عليه وسلم عن أبويه وجده عبد المطلب بأنهم من أهل النار لا ينافي الحديث الوارد عنه من طرق متعددة أن أهل الفترة والأطفال والمجانين والصم يمتحنون في العرصات يوم القيامة، كما بسطناه سندا ومتنا في تفسيرنا عند قوله تعالى: (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) فيكون منهم من يجيب ومنهم من لا يجيب. فيكون هؤلاء من جملة من لا يجيب فلا منافاة ولله الحمد والمنة.