البداية والنهاية - ابن كثير - ج ٢ - الصفحة ١٣٧
(لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا) أي لما عليهم من المهابة والجلالة في أمرهم الذي صاروا إليه ولعل الخطاب ههنا لجنس الانسان المخاطب لا بخصوصية الرسول صلى الله عليه وسلم كقوله: (فلما يكذبك بعد بالدين) [التين: 7] أي أيها الانسان وذلك لان طبيعة البشرية تفر من رؤية الأشياء المهيبة غالبا ولهذا قال: (لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا) ودل على أن الخبر ليس كالمعاينة كما جاء في الحديث، لان الخبر قد حصل ولم يحصل الفرار ولا الرعب. ثم ذكر تعالى أنه بعثهم من رقدتهم بعد نومهم بثلاثمائة سنة وتسع سنين فلما استيقظوا قال بعضهم (1) لبعض: (كم لبثتم قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم قالوا ربكم أعلم بما لبثتم فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة) [الكهف: 19] أي بدراهمكم هذه يعني التي معهم إلى المدينة ويقال كان اسمها دفسوس (2) (فلينظر أيها أزكى طعاما) أي أطيب (3) مالا (فليأتكم برزق منه) أي بطعام تأكلونه وهذا من زهدهم وورعهم (وليتلطف) أي في دخوله إليها (ولا يشعرن بكم أحدا أنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم ولن تفلحوا إذا أبدا) أي إن عدتم في ملتهم بعد إذ أنقذكم الله منها وهذا كله لظنهم أنهم رقدوا يوما أو بعض يوم أو أكثر من ذلك ولم يحسبوا أنهم قد رقدوا أزيد من ثلاثمائة سنة وقد تبدلت الدول أطورا عديدة وتغيرت البلاد ومن عليها وذهب أولئك القرن الذين كانوا فيهم وجاء غيرهم وذهبوا وجاء غيرهم ولهذا لما خرج أحدهم وهو تيذوسيس (4) فيما قيل وجاء إلى المدينة متنكرا لئلا يعرفه أحد من قومه فيما يحسبه تنكرت له البلاد واستنكره من يراه من أهلها واستغربوا شكله وصفته ودراهمه، فيقال إنهم حملوه إلى متوليهم، وخافوا من أمره أن يكون جاسوسا أو تكون له صولة يخشون من مضرتها، فيقال إنه هرب منهم، ويقال بل أخبرهم خبره ومن معه وما كان من أمرهم فانطلقوا معه ليريهم مكانهم فلما قربوا من الكهف دخل إلى إخوانه فأخبرهم حقيقة أمرهم ومقدار ما رقدوا فعلموا أن هذا أمر قدره الله فيقال إنهم استمروا راقدين ويقال بل ماتوا بعد ذلك.
وأما أهل البلدة فيقال إنهم لم يهتدوا إلى موضعهم من الغار وعمى الله عليهم أمرهم، ويقال لم يستطيعوا دخوله حسا (5) ويقال مهابة لهم.

(1) قال الطبري وصاحب بدائع الزهور: القائل هو: يمليخا.
(2) في بدائع الزهور لابن إياس: افسوس من أرض رومية ولما جاء الاسلام غيروا اسمها وسموها ترسوس.
(3) أزكى: أطيب; والطعام الطيب هنا والمزكى: البعيد عن الغصب; وقال ابن إياس هو الطعام الذي لا يوضع به شئ من شحم الخنزير. وقال ابن عباس: أحل ذبيحة.
(4) تقدم التعليق أن اسمه يمليخا; وفي الطبري أن تيذوسيس هو الملك الذي كان على المدينة حين قيامهم. وقال المسعودي: اسم الملك: أوالس.
(5) قوله " حسا " كذا بالأصول ولعل المراد: جبنا أو تحسبا.
(١٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 جماعة من أنبياء بني إسرائيل بعد موسى عليه السلام 3
2 قصة حزقيل 3
3 قصة اليسع عليه السلام 5
4 قصة شموئيل وفيها بدأ أمر داود عليهما السلام 6
5 قصة داود وما كان في أيامه ثم فضائله ودلائل نبوته واعلامه 12
6 كمية حياته وكيفية وفاته عليه السلام 20
7 قصة سليمان بن داود عليهما السلام 22
8 وفاته ومدة ملكه وحياته 37
9 جماعة من أنبياء بني إسرائيل بعد داود وسليمان وقبل زكريا عليهم السلام 39
10 ومنهم أرميا بن حلقيا من سبط لاوي ابن يعقوب 40
11 خراب بيت المقدس 41
12 شئ من خبر دانيال عليه السلام 48
13 عمارة بيت المقدس بعد خرابها واجتماع بني إسرائيل بعد تفرقهم في بقاع الأرض 50
14 وهذه قصة العزيز 51
15 فصل 54
16 قصة زكريا ويحيى عليهما السلام 55
17 بيان سبب قتل يحيى عليه السلام 64
18 قصة عيسى بن مريم عليه من الله أفضل الصلاة والسلام 66
19 ميلاد العبد الرسول عيسى بن مريم البتول 75
20 باب بيان أن الله تعالى منزه عن الولد 84
21 منشأ عيسى بن مريم عليهما السلام وبيان بدء الوحي إليه من الله تعالى 89
22 بيان نزول الكتب الأربعة ومواقيتها 92
23 بيان شجرة طوبى ما هي 92
24 خبر المائدة 102
25 فصل 103
26 رفع عيسى عليه السلام إلى السماء 108
27 صفة عيسى عليه السلام وشمائله وفضائله 114
28 فصل 119
29 بيان بناء بيت لحم والقمامة 120
30 كتاب أخبار الماضين 121
31 خبر ذي القرنين 122
32 بيان طلب ذي القرنين عين الحياة 127
33 ذكر أمتي يأجوج ومأجوج 129
34 قصة أصحاب الكهف 133
35 قصة الرجلين المؤمن والكافر 139
36 قصة أصحاب الجنة 142
37 قصة أصحاب إيلة الذين اعتدوا في سبتهم 144
38 قصة لقمان 146
39 قصة أصحاب الأخدود 154
40 بيان الأذن في الرواية عن أخبار بني إسرائيل 157
41 قصة جريح أحد عباد بني إسرائيل 160
42 قصة برصيصا 162
43 قصة الثلاثة الذين آووا إلى الغار فانطبق عليهم 163
44 خبر الثلاثة الأعمى والأبرص والأقرع 164
45 حديث الذي استلف من صاحبه ألف دينار 165
46 قصة أخرى شبيهة بهذه القصة في الصدق والأمانة 166
47 قصة أخرى 167
48 حديث آخر 167
49 قصة الملكين التائبين 170
50 فصل 176
51 تحريف أهل الكتاب وتبديلهم أديانهم 176
52 ليس للجنب لمس التوراة 178
53 كتاب الجامع لأخبار الأنبياء المتقدمين 181
54 ذكر أخبار العرب 187
55 قصة سبأ 191
56 فصل 196
57 قصة ربيعة بن نصر بن أبي حارثة بن عمرو بن عامر 197
58 قصة تبع أبي كرب من أهل المدينة 199
59 وثوب لخنيعة ذي شناتر على ملك اليمن 205
60 خروج الملك باليمن من حمير إلى الحبشة والسودان 207
61 خروج أبرهة الأشرم على ارياط فاختلافهما 210
62 سبب قصد أبرهة بالفيل مكة ليخرب الكعبة 211
63 خروج الملك عن الحبشة ورجوعه إلى سيف بن ذي يزن 221
64 ما آل إليه أمر الفرس باليمن 225
65 قصة الساطرون صاحب الحضر 228
66 خبر ملوك الطوائف 230
67 ذكر بني إسماعيل وما كان من أمور الجاهلية إلى زمان البعثة 231
68 قصة خزاعة وعمرو بن لحي وعبادة العرب للأصنام 235
69 باب جهل العرب 240
70 خبر عدنان جد عرب الحجاز 245
71 أصول أنساب عرب الحجاز 245
72 أصول أنساب عرب الحجاز إلى عدنان 250
73 قريش نسبا واشتقاقا وفضلا وهم بنو النضر بن كنانة 252
74 خبر قصي بن كلاب وارتجاعه ولاية البيت وانتزاعه ذلك من خزاعة 261
75 فصل 266
76 ذكر من الأحداث في الجاهلية 268
77 ذكر جماعة مشهورين في الجاهلية 268
78 حاتم الطائي أحد أجود الجاهلية 270
79 شئ من أخبار عبد الله بن جدعان 276
80 امرئ القيس بن حجر الكندي صاحب إحدى المعلقات 277
81 اخبار أمية بن أبي الصلت الثقفي 280
82 خبر بحيرا الراهب 289
83 ذكر قس بن ساعدة الأيادي 289
84 زيد بن عمرو بن نفيل رضي الله عنه 296
85 شئ من الحوادث في زمن الفترة 302
86 كعب بن لؤي 302
87 تجديد حفر زمزم 303
88 نذر عبد المطلب ذبح ولده 306
89 تزويج عبد المطلب ابنة عبد الله آمنة بنت وهب الزهرية 307
90 كتاب سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم نسبه الشريف وطيب أصله المنيف 309
91 باب مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم 319
92 صفة مولده الشريف عليه الصلاة والسلام 322
93 فصل 326
94 ذكر ارتجاس إيوان كسرى 327
95 حواضنه ومراضعه عليه الصلاة والسلام 332
96 رضاعه عليه الصلاة والسلام 333
97 فصل 340
98 فصل 343
99 فصل 345
100 قصة بحيرا 349
101 فصل 349
102 ذكر شهوده عليه الصلاة والسلام 353
103 فصل 354
104 تزويجه خديجة بنت خويلد عليه الصلاة والسلام 358
105 فصل 362
106 فصل 364
107 فصل 373
108 مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم 374
109 فصل 377
110 ذكر أخبار غريبة في ذلك 386
111 قصة عمرو بن مرة الجهني 389
112 قصة سيف بن ذي يزن وبشارته بالنبي 401
113 باب هواتف الجان 405