يأتي أمرا يعتذر منه فأطنب فيه فقال لقد مدحته على سوء رأيك فيه قال لأني كما قال الشاعر:
(كفى شكرا لما أسديت أني * صدقتك في الصديق وفي عداتي) قال فاعجب المأمون من كلامه وأدبه.
وحج بالناس في هذه السنة عبد الله بن عبيد الله بن العباس بن محمد بن علي.
وفيها قتل أهل ماردة من الأندلس عاملهم فثارت الفتنة عندهم فسير إليهم عبد الرحمن جيشا فحاصرهم وافسد زرعهم وأشجارهم فعاودوا الطاعة وأخذت رهائنهم وعاد الجيش بعد أن خربوا سور المدينة.
ثم أرسل عبد الرحمن إليهم بنقل حجارة السور إلى النهر لئلا يطمع أهلها في عمارته فلما رأوا ذلك عادوا إلى العيصان وأسروا العامل عليهم وجددوا بناء السور وأتقنوه.
فلما دخلت ستة أربع عشرة سار عبد الرحمن صاحب الأندلس في جيوشه إلى ماردة ومعه رهائن أهلها فلما بارزها راسله أهلها وافتكوا رهائنهم بالعامل الذي أروه وغيره وحصرهم وأفسد بلدهم ورحل عنهم ثم سير إليهم جيشا سنة سبع عشرة ومائتين فحصروها وضيقوا عليها ودام الحصار ثن رحلوا عنهم.
فلما دخلت سنة ثمان عشرة سير إليها جيشا ففتحها وفارقها أهل الشر والفساد وكان من أهلها إنسان اسمه محمود بن عبد الجبار الماردي فحصره عبد الرحمن بن الحكم في جمع كثير من الجند وصدقوه القتال