وانهزم منصور ودخل الأربس فتحصن بها وحصره عامر ونصب عليه منجنيقا.
فلما اشتد الحصار على أهل الأربس قالوا لمنصور أما أن تخرج عنا وإلا سلمناك إلى عامر فقد أضر بنا الحصار فاستمهلهم حتى يصلح أمره فأمهلوه وأرسل إلى عبد السلام بن المفرج وهو من قواد الجيش يسأله الاجتماع به فاتاه فكلمه منصور من فوق السور واعتذر وطلب منه أن يأخذ له أمانا من عامر حتى يسير إلى المشرق فأجابه عبد السلام إلى ذلك واستعطف له عامر فأمنه على أن يسير إلى تونس ويأخذ أهله وحاشيته ويسير بهم إلى الشرق.
فخرج إليه فسيره مع خيل إلى تونس وأمر رسوله سرا أن يسير به إلى مدينة جربة ويسجنه ففعل ذلك وسجن معه أخاه حمدون.
فلما علم عبد السلام ذلك عظم عليه وكتب عامر إلى أخيه وهو عامله على جربة يأمره بقتل منصور وأخيه حمدون ولا يراجع فيهما فحضر عندهما وأقرأهما الكتاب فطلب منصور منه دواة وقرطاسا ليكتب وصيته فأمر له بذلك فلم يقدر أن يكتب وقال فاز المقتول بخير الدنيا والآخرة ثم قتلهما وبعث برأسيهما إلى أخيه واستقامت الأمور لعامر بن نافع ورجع بعد السلام بن المفرج إلى مدينة باجة وبقي عامر بن نافع بمدينة تونس وتوفي سلخ ربيع الآخر سنة أربع عشرة ومائتين فلما وصل خبره إلى زيادة الله قال الآن وضعت الحرب أوزارها وأرسل بنوه إلى زيادة الله يطلبون الأمان فأمنهم وأحسن إليهم.