وكان سبب موته أنه حدد على كل فدان في عمله ثمانية عشر دينارا كل سنة فضاق الناس لذلك وشكا بعضهم إلى بعض فتقدم إليه رجل من الصالحين اسمه حفص بن عمر الجزري مع رجال من الصالحين فنهوه عن ذلك ووعظوه وخوفوه العذاب في الآخرة وسوء الذكر في الدنيا وزوال النعمة فإن الله تعالى اسمه وجل ثناؤه (لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له ومالهم من دونه من وال).
فلم يجبهم أبو العباس عبد الله بن إبراهيم بن الأغلب أمير إفريقية المذكور إلى ما طلبوا فخرجوا من عنده إلى القيروان فقال لهم حفص لو أننا نتوضأ للصلاة ونصلي ونسأل الله تعالى أن يخفف عن الناس ففعلوا ذلك فما لبث إلا خمسة إلى حتى خرجت قرحة تحت أذنه فلم ينشب أن مات منها وكان من أجمل أهل زمانه ولما مات ولي بعده أخوه زيادة الله بن إبراهيم وبقي أميرا رخى البال وادعا والدنيا عنده آمنة.
ثم جهز جيشا في أسطول البحر وكان مراكب كثيرة إلى مدينة سردانية وهي للروم فعطب بعضها بعد أن غنموا من الروم وقتلوا كثيرا فلما عاد من سلم منهم أحسن إليهم زيادة الله ووصلهم.
فلما كان سنة سبع ومائتين خرج عليه زياد بن سهل المعروف بابن الصقلبية وجمع جمعا كثيرا وحصر مدنية باجة فسير إليه زيادة الله العساكر فأزالوه عنها وقتلوا من وافقه على المخالفة.