المنصور قد مات.
واقبل الحسن بن زيد العلوي وجاء الناس حتى ملؤوا السرادق وسمعنا همسا من بكاء وخرج أبو العنبر خادم المنصور مشقق الأقبية وعلى رأسه التراب وصاح: وا أمير المؤمنيناه! فما بقي أحد إلا قام، ثم تقدموا ليدخلوا عله فمنعهم الخدم، وقال ابن عياش المنتوف سبحان الله اما شهدتم موت خليفة قط اجلسوا فجلسوا وقام القاسم فشق ثيابه ووضع التراب على رأسه وموسى جالس على حاله.
ثم خرج الربيع وفي يده قرطاس، ففتحه فقراه فإذا فيه بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله المنصور أمير المؤمنين إلى من خلف بعده من بني هاشم وشيعته من أهل خراسان وعامة المسلمين ثم ألقى القرطاس من يده وبكى وبكى الناس ثم قال قد أمكنكم البكاء فانصتوا رحمكم الله ثم قرا أما بعد فإني كتبت كتابي هذا وأنا حي في آخر يوم من أيام الدنيا وأول يوم من أيام الآخرة اقرأ عليكم السلام وأسأل الله أن لا يفتنكم بعدي ولا يلبسكم شيعا ولا يذيق بعضكم بأس بعض.
ثم اخذ في وصيتهم بالمهدي وأذكارهم البيعة له وحثهم على الوفاء بعهده ثم تناول يد الحسن بن زيد وقال قم فبايع فقام إلى موسى فبايعه ثم بايعه الناس الأول فالأول ثم ادخل بنو هاشم على المنصور وهو في أكفانه مكشوف الرأس فحملناه حتى أتينا به مكة ثلاثة أميال فكأني انظر إليه والريح تحرك شعر صدغيه وذلك انه كان وفر شعره للحلق وقد نصل خضابه حتى أتينا به حفرته.