وما يليها فكلما أجابه أهل ناحية خندق عليهم ومن أبى حاجته قاتله وأحرق منزله ووحشت بغداد وخربت فقال حسين الخليع:
(أتسرع الرحلة أغذاذا * عن جانبي بغداد أماذا) (أما ترى الفتنة قد الفت * إلى أولي الفتنة شذاذا) (وانتقضت بغداد عمرانها * عن رأي لا ذاك ولا هذا) (هدما وحرقا قد أباد أهلها * عقوبة لاذت بمن لاذا) (ما أحسن الحالات ان لم تعد * بغداد في القلة بغدادا) وسمى طاهر الأرباض التي خالفها أهلها ومدينة المنصور وأسواق الكرخ والخلد دار النكث وقبض ضياع من لم يخرج إليه من بني هاشم والقواد وغيرهم وأخذ أموالهم فذلوا وانكسروا وذل الأجناد وضعفوا عن القتال إلا باعة الطريق والعراة وأهل السجون والأوباش والطرارين وأهل السوق فكانوا ينهبون أموال الناس.
وكان طاهر لا يفتر في قتالهم فاستأمن إليه علي أفراهمرد الموكل بقصر صالح فأمنه وسير إليه جندا كثيفا فسلم إليه ما كان بيده من تلك الناحية في جمادى الآخرة واستأمن إليه محمد بن عيسى صاحب شرطة الأمين وكان مجدا في نصرة الأمين فلما استأمن هذان إلى طاهر أشفى الأمين على الهلاك وأقبلت الغواة من العيارين وباعة الطريق والأجناد،