(وإنا أناس ما تفيض دموعنا * على هالك منا وإن قصم الظهرا) (ولكنني أشفي الفؤاد بغارة * الهب في قطري كتائبها جمرا) وقيل: أن هذه الأبيات لغيره والصحيح أنها له ثم أن الرشيد احتال عليه بأخ له كتب إليه فأرغبه ثم شد عليه فكتفه وأتى به الرشيد فمن عليه وأطلقه.
وقيل كان أول ما هاجت الفتنة في الشام أن رجلا من [بني] القين خرج بطعام له يطحنه في الرحى بالبلقاء فمر بحائط رجل من لخم أو جذام وفيه بطيخ وقثاء فتناول منه فشتمه صاحبه وتضاربا وسار القيني فجمع صاحب البطيخ قوما من أهل اليمن ليضربوه إذا عاد فلما عاد ضربوه وأعانه قوم آخرون فقتل رجل من اليمانية وطلبوا بدمه فاجتمعوا لذلك.
وكان على دمشق حينئذ عبد الصمد بن علي فلما خاف الناس أن يتفاقم ذلك اجتمع أهل الفضل والرؤساء ليصلحوا بينهم فأتوا بني القين فكلموهم فأجابوهم إلى ما طلبوا فأتوا اليمانية فكلموهم فقالوا انصرفوا عنا حتى ننظر ثم ساروا، فبيتوا [بني] القين فقتلوا منهم ستمائة وقيل ثلاثمائة فاستنجدت بنو القين قضاعة وسليحا فلم ينجدوهم فاستنجدت قيسا فأجابوهم وساروا معهم إلى الصواليك من أرض البلقاء فقتلوا من اليمانية ثمانمائة وكثر القتال بينهم فالتقوا مرات.
وعزل عبد الصمد عن دمشق واستعمل عليها إبراهيم بن صالح بن علي فقام ذلك الشر بينهم نحو ستين والتقوا بالبثنية فقتل من اليمانية نحو ثمانمائة ثم اصطلحوا بعد شر طويل.