زمانه فأرسل إلى جماعة فسألهم فشهدوا أنهم سمعوا ذلك وشاهدوه فقال: كذبتم. قالوا: ذلك إن كنت شهدتها وغبنا عنها. قال: صدقتم، فما كان الناس يقولون في ذلك. قالوا: يستدل بها على رضا الله وفتح عدونا. فقال: ما يكون هذا إلا والجمع أبرار أتقياء. قالوا: والله ما ندري ما أجنت قلوبهم فأما ما رأينا فما رأينا قوما قط أزهد في دنيا منهم ولا أشد بغضا لها ليس فيهم جبان، ولا، غال، ولا غدار. وذلك يوم الأباقر.
وبث سعد الغارات والنهب بين كسكر والأنبار فحووا من الأطعمة ما استكفوا به زمانا. وكان بين نزول خالد بن الوليد العراق وبين نزول سعد القادسية والفراغ منها سنتان وشئ، وكان مقام سعد بالقادسية شهرين وشيئا حتى ظفر.
فاستغاث أهل السواد إلى يزدجرد وأعلموه أن العرب قد نزلوا القادسية ولا يبقى على فعلهم شيء وقد أخربوا ما بينهم وبين الفرات ونهبوا الدواب والأطعمة وإن أبطأ الغياث أعطيناهم بأيدينا، وكتب إليه بذلك الذين لهم الضياع بالطف وهيجوه عك إرسال الجنود. فأرسل يزدجرد إلى رستم فدخل عليه فقال: إني أريد أن أوجهك في هذا الوجه فأنت رجل فارس اليوم وقد ترى ما حل بالفرس مما لم يأتهم مثله. فاظهر له الإجابة ثم قال له: دعني فإن العرب لا تزال تهاب العجم ما لم تضرهم بي، ولعل الدولة أن تثبت بي إذا لم أحضر الحرب فيكون الله قد كفن ونكون قد أصبنا المكيدة، والرأي في الحرب أنفع من بعض الظفر، والأناة خير من العجلة، وقتال جيش بعد جيش أمثل من هزيمة بمرة وأشد على عدونا. فأبى عليه، وأعاد رستم كلامه وقال: قد اضطرني تضييع الرأي إلى إعظام نفسي وتزكيتها ولو أجد من ذلك بدا لم أتكلم به فأنشدك الله في نفسك وملكك دعني أقم بعسكري