الناس عمرو بن أبي سلمى الهجيمي، فلما دنوا من صفين فر من بها وعبروا الفرات إلى الجزيرة،، وفني الزاد الذي مع المثنى وأصحابه فأكلوا رواحلهم إلا ما لا بد منه حتى جلودها ثم أدركوا عيرا من أهل دبا، وحوران فقتلوا من بها وأخذوا ثلاثة نفر من تغلب كانوا خفراء وأخذوا العير، فقالوا لهم: دلونا. فقال أحدهم: أمنوني على أهلي ومالي وأدلكم على حي من تغلب [غدوت من عندهم اليوم]. فأمنه المثنى وسار معهم يومه، فهجم العشي على القوم والنعم صادرة عن الماء وأصحابها جلوس بأفنية البيوت [فبث غارته] فقتل المقاتلة وسبى الذرية واستاق الأموال، وكان التغلبيون بني ذي الرويحلة فاشترى من كان مع المثنى من ربيعة السبايا بنصيبه من الفيء وأعتقوهم، وكانت ربيعة لا تسابي إذا العرب يتسابون في جاهليتهم.
وأخبر المثنى أن جمهور من سلك البلاد قد انتجع شاطىء دجلة فخرج المثنى وعلى مجنبتيه النعمان بن عوف ومطر الشيبانيان. وعلى مقدمته حذيفة بن محصن الغلفاني فساروا في طلبهم فأدركوهم بتكريت، فأصابوا ما شاؤوا من النعم، وعاد إلى الأنبار ومضى عتيبة وفرات ومن معهما حتى أغاروا على صفين وبها النمر وتغلب متساندين، فأغاروا عليهم حتى رموا طائفة منهم في الماء فجعلوا ينادونهم الغرق الغرق، وجعل عتيبة، وفرات يذمران الناس ويناديانهم تغريق بتحريق يذكرانهم نهم يوما من أيام الجاهلية أحرقوا فيه قوما من بكر بن وائل في غيضة من الغياض، ثم رجعوا إلى المثنى، وقد غرقوهم وقد بلغ الخبر عمر فبعث إلى عتيبة وفرات فاستدعاهما فسألهما عن قولهما فأخبراه أنهما لم يفعلا ذلك على وجه طلب ذحل إنما هو مثل فاستحلفهما وردهما إلى المثنى.
(عتيبة بن النهاس بالتاء المثناة من فوقها والياء المثناة من تحتها والباء الموحدة).