مصعدين ومنحدرين، وأخذتهم خيول المسلمين حتى قتلوهم وجعلوهم جثثا.
فما كانت بين المسلمين والفرس وقعة أبقى رمة منها بقيت عظام القتلى دهرا طويلا، وكانوا يحزرون القتلى مائة ألف، وسمي ذلك اليوم الأعشار أحصي مائة رجل قتل كل رجل منهم عشرة، وكان عروة بن زيد الخيل من أصحاب التسعة، وغالب الكناني وعرفجة الأزدي، من أصحاب التسعة، وقتل المشركون فيما بين السكون اليوم وضفة الفرات، وتبعهم المسلمون إلى الليل ومن الغد إلى الليل، وندم المثنى على أخذه بالجسر؛ وقال: لم عجزت عجزة وقى الله شرها بمسابقتي إياهم إلى الجسر حتى أحرجتهم فلا تعودوا أيها الناس إلى مثلها فإنها كانت زلة، فلا ينبني إحراج من لا يقوى علف امتناع.
ومات أناس من الجرحى، منهم مسعود أخو المثنى، وخالد بن هلال فصلى عليهم المثنى وقال: والله إنه ليهون علي وجدي أن صبروا وشهدوا البويب ولم ينكلوا.
وكان قد أصاب المسلمون غنما ودقيقا وبقرا فبعثوا بها إلى عيال من قدم من المدينة وهم بالقوادس. وأرسل المثنى الخيل في طلب العجم فبلغوا السيب وغنموا من البقر والسبي وسائر الغنائم شيئا كثيرا فقسمه فيهم، ونفل أهل البلاء وأعطى بجيلة ربع الخمس، وأرسل الذين تبعوا المنهزمين إلى المثنى يعرفونه سلامتهم وأنه لا مانع دون القوم ويستأذنونه في الإقدام فأذن لهم فأغاروا حتى بلغوا ساباط، وتحصن أهله منهم واستباحوا القرى، ثم مخروا