وقتل من بني مالك وبني يربوع مقتلة عظيمة في شعب من شعاب ذلك الجبل يقال له الأبان ثم اقتتلوا بعد ذلك أياما مسميات منهن يوم عمر ذي كندة من نحو نخلة ومنهن يوم كروبا من نحو حلوان وصاح عفيف بن عوف اليربوعي في ذلك اليوم صيحة يزعمون أن سبعين حبلى منهم ألقت ما في بطنها فاقتتلوا أشد قتال ثم افترقوا فسارت بنو مالك تبتغي الحلف من دوس وخثعم وغيرهما على الأحلاف وخرجت الأحلاف إلى المدينة تبتغي الحلف من الأنصار على بني مالك فقدم مسعود بن معتب على أحيحة بن الجلاح أحد بني عمرو بن عوف من الأوس أشرف الأنصار في زمانه فطلب منه الحلف، فقال له أحيحة: والله ما خرج رجل من قومه إلى قوم قط بحلف أو غيره إلا أقر لأولئك القوم بشر مما أنف منه من قومه فقال له مسعود إني أخوك وكان صديقا له فقال أخوك الذي تركته وراءك فارجع إليه وصالحه ولو بجدع أنفك وأذنك فإن أحدا لن يبر لك في قومك إذ خالفته فانصرف عنه وزوده بسلاح وزاد وأعطاه غلاما كان يبني الآطام يعني الحصون بالمدينة، فبنى لمسعود بن معتب أطما، فكان أول أطم بني بالطائف، ثم بنيت الآطام بعده بالطائف. ولم يكن بعد ذلك بينهم حرب تذكر.
وقالوا في حربهم أشعارا كثيرة فمن ذلك قول محبر وهو ربيعة بن سفيان أحد بني عوف بن عقدة من الأحلاف:
(وما كنت ممن أرث الشر بينهم * ولكن مسعودا جناها وجندبا) (قريعي ثقيف أنشبا الشر بينهم * فلم يك عنها منزع حين أنشبا)