هم في ذلك إذ جاءهم سنان بن أبي حارثة المري فقبح رأي حذيفة في الصلح وقال إن كنت لا بد فاعلا فاعطهم إبلا عجافا مكان إبلهم واحبس أولادها فوافق ذلك رأي حذيفة فأبى قيس وعمارة ذلك.
وقيل: إن الإبل التي طلبوها منه هي إبل كان قد أخذها سبقا من قيس وقيل أيضا إن مالك بن زهير قتل بعد هذه الوقعة المذكورة قال حميد بن بدر في ذلك:
(قتلنا بعوف مالكا وهو ثارنا * ومن يبتدع شيئا سوى الحق يظلم) وجعل سنان يحث حذيفة على الحرب فتيسروا لها.
ثم إن الأنصار بلغهم ما عزموا عليه فاتفق جماعة من رؤسائهم وهم عمرو بن الأطنابة ومالك بن عجلان وأحيحة بن الجلاح وقيس بن الخطيم وغيرهم وساروا ليصلحوا بينهم فوصلوا إليهم وترددوا في الاتفاق فلم يجب حذيفة إلى ذلك وظهر لهم بغيه فحذروه عاقبته وعادوا عنه وأغار حذيفة على عبس وأغارت عبس على فزارة وتفاقم الشر وأرسل حذيفة أخاه حملا فأغار وأسر ريان بن الأسلع بن سفيان وشده وثاقا وحمله إلى حذيفة فأطلقه ليرهنه ابنيه وجير ابن أخيه عمرو بن الأسلع ففعل ريان ذلك ثم سار قيس إلى فزارة فلقي منهم جمعا فيهم مالك بن بدر فقتله قيس وانهزمت فزارة فأخذ حينئذ حذيفة ولدي ريان فقتلهما وهما يستغيثان يا أبتاه حتى ماتا وأما ابن أخيه فمنعه أخواله.