قال: فوذمة الأطنابة لا آخذه فانصرف الحارث وهو يقول أبياتا منها:
(بلغتنا مقالة المرء عمرو * فالتقينا وكان ذاك بديا) (فهممنا بقتله إذ برزنا * ووجدناه ذا سلاح كميا) (غير ما نائم يروع بالفتك * ولكن مقلدا مشرفيا) (فمننا عليه بعد علو * بوفاء وكنت قدما وفيا) ثم إن الحارث لما علم أن النعمان قد جد في طلبه وهوازن لا تقعد عن الطلب بثأر خالد خرج متنكرا إلى الشام واستجار بيزيد بن عمرو فأكرمه وأجاره وكان ليزيد ناقة محماة في عنقها مدية وزناد وملح ليمتحن بذلك رعيته فوحمت زوجة الحارث واشتهت شحما ولحما فأخذ الحارث الناقة فأدخلها شعبا فذبحها وحمل إلى امرأته من شحمها ولحمها ورفع منه وفقدت الناقة فطلبت فوجدت عقيرة بالوادي فأرسل الملك إلى كاهن فسأله عنها فذكر له الحارث نحرها فأرسل امرأة بطيب تشتري من لحمها من امرأة الحارث فأدركها الحارث وقد اشترت اللحم فقتلها ودفنها في البيت فسأل الملك الكاهن عن المرأة فقال قتلها من نحر الناقة وإذا كرهت أن تفتش بيته فتأمر الرجل بالرحيل فإذا رحل فتشت بيته ففعل ذلك فلما رحل الحارث فتش الكاهن بيته فوجد المرأة وأحس الحارث بالشر فعاد إلى الكاهن فقتله فأخذ الحارث وأحضر عند الملك فأمر بقتله فقال إنك قد أجرتني فلا تغدر بي. فقال إن غدرت بك مرة واحدة فقد غدرت بي مرارا فقتله