أدركوهم مع طلوع الشمس في جفر الهباءة في الماء وقد أرسلوا خيولهم فأخذوا بجمعها فحال قيس وأصحابه بينهم وبينها وكان مع حذيفة في الجفر أخوه حمل بن بدر وابنه حصن بن حذيفة وغيرهم فهجم عليهم قيس والربيع ومن معهما وهم ينادون ليبكم لبيكم يعني أنهم يجيبون نداء الصبيان لما قتلوا ينادون يا أبتاه فقال لهم قيس يا بني بكر كيف رأيتم عاقبة البغي فناشدوهم الله والرحم فلم يقبلوا منهم ودار قرواش بن عمرو حتى وقف خلف ظهر حذيفة فضربه فدق صلبه وكان قرواش قد رباه حذيفة حتى كبر عنده في بيته وقتلوا حملا أخاه وقطعوا رأسيهما واستبقوا حصن ابن حذيفة لصباه وكان عدد من قتل في هذه الوقعة من فزارة وأسد وغطفان ما يزيد على أربعمائة قتيل وقتل من عبس ما يزيد على عشرين قتيلا وكانت فزارة تسمي هذه الوقعة البوار وقال قيس بن زهير:
(أقام على الهباءة خير ميت * وأكرمه حذيفة لا يريم) (لقد فجعت به قيس جميعا * موالي القوم والقوم الصميم) (وعم به لمقتله بعيد * وخص به لمقتله حميم) وهي طويلة وقال أيضا:
(ألم تر أن خير الناس أمسى * على جفر الهباءة لا يريم) (فلولا ظلمه ما زلت أبكي * عليه الدهر ما طلع النجوم) (ولكن الفتى حمل بن بدر * بغى والبغي مرتعه وخيم) وأكثروا القول في يوم الهباءة.