متوالية، وغارت الأنهار والقنى وقل ماء دجلة ومحلت الأشجار وهاجت عامة الزروع في السهل الجبل من بلاده وماتت الطيور والوحوش وعلم أهل البلاد الجوع والجهد الشديد فكتب إلى جميع رعيته [يعلمهم] أنه لا خراج عليهم ولا جزية ولا مؤنة وتقدم إليهم بأن كل من عنده طعام مذخور يواسي به الناس وأن يكون حال الغني والفقير واحدا وأخبرهم أنه إن بلغه أن إنسانا مات جوعا بمدينة أو قرية عاقبهم ونكل بهم. وساس الناس سياسة لم يعطب أحد جوعا ما خلا رجلا واحدا من رستاق أردشير خره وابتهل فيروز إلى الله بالدعاء فأزال ذلك القحط وعادت بلاده إلى ما كانت عليه.
فلما حيى الناس والبلاد وأثخن في أعدائه سار مريدا حرب حرب الهياطلة فلما سمع إخشنوار ملكهم خافه فقال له بعض أصحابه اقطع يدي ورجلي وألقني على الطريق وأحسن إلى عيالي لأحتال على فيروز. ففعل ذلك واجتاز به فيروز فسأله عن حاله فقال له إني قلت لإخشنوار لا طاقة لك بفيروز ففعل بي هذا وإني أدلك على طريق لم يسلكها ملك وهي أقرب. فاغتر فيروز بذلك وتبعه فسار به وبجنده حتى قطع بهم مفازة بعد مفازة حتى إذا علم أنهم لا يقدرون على الخلاص أعلمهم حاله فقال أصحاب فيروز لفيروز حذرناك فلم تحذر فليس إلا التقدم على كل حال فتقدموا أمامهم فوصلوا إلى عدوهم وهم هلكى عطشى وقتل العطش منهم كثيرا فلما أشرفوا على تلك الحال صالحوا إخشنوار على أن يخلي سبيلهم إلى بلادهم على أن يحلف له فيروز أنه لا يغزو بلاده فاصطلحا وكتب فيروز كتابا بالصلح وعاد.
فلما استقر في مملكته حملته الأنفة على معاودة إخشنوار فنهاه وزراؤه