ثم أن فرعون ركب مركبا وليس عنده موسى فلما جاء موسى قيل له فرعون قد ركب فركب موسى في أثره فأدركته المقيل بأرض يقال لها منف وهذه منف (بفتح الميم وسكون النون) مصر القديمة التي هي مصر يوسف الصديق وهي الآن قرية كبيرة فدخل نصف النهار وقد أغلقت أسواقها على حين غفلة من أهلها فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته يقول هذا إسرائيلي قيل إنه السامري وهذا من عدوه يقول من القبط فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه فغضب موسى لأنه تناوله وهو يعلم منزلة موسى من بني إسرائيل وحفظه لهم وكان قد حماهم من القبط وكان الناس لا يعلمون أنه منهم بل كانوا يظنون أن ذلك بسبب الرضاع فلما اشتد غضبه وكزه (فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم) أوحى الله تعالى إلى موسى وعزتي لو أن النفس التي قتلت أقرت له ساعة واحدة إني خالق رازق لأذقتك العذاب قال (رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين فأصبح في المدينة خائفا يترقب) أن يؤخذ (فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه) يقول يستعينه (قال له موسى إنك لغوي مبين) ثم أقبل لينصره فلما نظر موسى وقد أقبل نحوه ليبطش بالرجل الذي يقاتل الإسرائيلي خاف أن يقتله من أجل أنه أغلظ له في الكلام قال (أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس
(١٧٤)