لمسلحة تلك الناحية بخبره وكان على المعاون رجل يعرف بأبي خليفة بن كشمرد فركب في جماعة وسأل هذا الرجل عن خبره فأعلمه أن صاحب الشامة بالقرب منه في ثلاثة نفر وعرفه بمكانه فمضى صاحب المعاون إليهم وأخذهم ووجه بهم إلى المكتفى وهو بالرقة ورجعت الجيوش من طلب القرامطة بعد أن أفنوا أكثرهم قتلا وأسرا وكتب محمد بن سليمان الكاتب إلى الوزير القاسم بن عبيد الله بمحاربته القرامطة وما فتح الله له عليهم وقتله وأسره لأكثرهم وأنه تقدم في جمع الرؤس وهو باعث منها بعدد عظيم وفى يوم الاثنين لأربع بقين من المحرم أدخل صاحب الشامة إلى الرقة ظاهرا للناس على فالج وعليه برنس حرير ودراعة ديباج وبين يديه المدثر والمطوق على جملين ثم إن المكتفى خلف عساكره مع محمد بن سليمان وشخص هو في خاصته وغلمانه وخدمه وشخص معه القاسم بن عبيد الله الوزير من الرقة إلى بغداد وحمل معه القرمطي والمدثر والمطوق وجماعة ممن أسر في الوقعة وذلك في أول صفر فلما صار إلى بغداد عزم على أن يدخل القرمطي مدينة السلام مصلوبا على دقل والدقل على طهر فيل فأمر بهدم طاقات الأبواب التي يجتاز بها الفيل بالدقل ثم استسمج ذلك فعمل له دميانة غلام يا زمان كرسيا وركبه على ظهر الفيل في ارتفاع ذراعين ونصف وأقعد فيه القرمطي صاحب الشامة ودخل المكتفى مدينة السلام صبيحة يوم الاثنين لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول وقد قدم بين يديه الاسرى مقيدين على جمال عليهم دراريع الحرير وبرانس الحرير والمطوق وسطهم وهو غلام ما نبتت لحيته بعد قد جعل في فيه خشبة مخروطة وألجم بها في فمه كهيئة اللجام ثم شدت إلى قفاه وذلك أنه لما دخل الرقة كان يشتم الناس إذا دعوا عليه ويبزق في وجوههم فجعل له هذا لئلا يتكلم ولا يشتم ثم أمر المكتفى ببناء دكة في المصلى العتيق بالجانب الشرقي في ارتفاعها عشرة أذرع لقتل القرامطة وكان خلف المكتفى وراءه محمد بن سليمان الكاتب بجملة من قواد القرامطة وقضاتهم ووجوههم فقيد جميعهم ودخلوا بغداد بين يديه يوم الخميس لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول وقد أمر القواد بتلقيه والدخول معه فدخل في أتم ترتيب حتى إذا صار بالثريا
(٣)