من الجد وبعد الهمة والاختصار والقناعة ما هابه به الناس وأراد قطع ثوب يلبسه فحمل إليه من داره فقيل له لو أخذلك ثوب من خرانة الكسوة فقال لا تمسوا لهم شيئا وعرضت عليه صنوف الألوان والحلواء والفواكه التي كانت توضع بين أيدي الخلفاء في كل يوم فاستكثرها وقال في الفاكهة بكم تبتاع هذه كل يوم فقيل له بثلاثين دينارا فقال نقتصر من ذلك على دينار واحد من الطعام على اثنى عشر لونا وكان يصلح لغيره كل يوم ثلاثون لونا من حلواء فاقتصر على الكافي له * وفى يوم الخميس لخمس خلون من ذي القعدة حمل أبو العباس وأبو عبد الله ابنا المقتدر مع أمهما إلى دار عبد الله بن طاهر بعد عتمة * وفيه طولبت أم المقتدر بالأموال وضربت وعلقت * قال الفرغاني حدثني أبو الحسين بن العجمي قال حدثنا ذلفاء المنجمة التي كانت مع المقتدر قالت لما أراد المقتدر الخروج لمحاربة مونس قال لامه قد ترين ما وقعت فيه وليس معي دينار ولا درهم ولابد من مال يكون معي فأعينيني بما معك فقالت له قد أخذت منى يوم سار القرمطي إلى بغداد ثلاثة آلاف ألف دينار وما بقيت لي بعدها ذخيرة إلا ما ترى وأحضرته خمسين ألف دينار فقال المقتدر وأي شئ تغنى عنى هذه الدنانير وأي مقام تقوم لي في عظيم ما أستقبله ثم قال لها أما أنا فخارج كيف كنت وعلى ما استطعت ولعلى أقتل فأستريح ولكن الشأن فيمن يبقى بعدي ويقبض عليها ويعذب ويعلق في هذه الشجرة دراجية فقالت ذلفاء وكانت في بعض دور الخلافة شجرة فوالله لقد قبض على أم المقتدر وعلقت في تلك الشجرة بعينها * وفيه ضرب شفيع وطولب بمال وصير بيع أملاكه إلى بشرى الخادم فضاع أكثر ذلك وقبض أيضا على أسباب خالة المقتدر وقبض على شفيع المقتدري وسلم المطبخ والبساتين إلى رشيق الأيسر الحرمي وسلم البريد والاصطبل إلى علي بن يلبق وصرف أحمد بن خاقان عن الشرطة في الجانبين وقلدها يمن الأعور وقبض الأعور وقبض على يأنس الخادم ولم تزل الأمور مضطربة بقلة المال ومطالبة الجند بالأرزاق ومطالبتهم بمال البيعة حتى أنهم شغبوا واجتمعوا إلى باب الخليفة ودخلوا إلى الدهليز الشعيبي من باب العامة
(١٢٨)