وسلم يؤذونه وأصحابه أشد الأذى، فأمر الله نبيه والمسلمين بالصبر على ذلك والعفو عنهم، وفيهم أنزل الله تبارك وتعالى: " لتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور " (1) وفيهم أنزل الله " ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره إن الله على كل شئ قدير " (2) فلما أبى كعب أن ينزع عن أذى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأذى المسلمين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن معاذ في خمسة رهط فأتوه عشية في مجلسه بالعوالي (3)، فلما رآهم كعب أنكر شأنهم، وكاد يذعر منهم، فقال لهم، ما جاء بكم؟ قالوا: جاء بنا حاجة إليك، قال: فليدن إلي بعضكم فليحدثني بها، فدنا إليه بعضهم فقال:
جئناك لنبيعك: أدراعا لنا نستعين بأثمانها. فقال لهم: والله لئن فعلتم ذلك لقد جهدتم ثم جهدتم منذ نزل بكم هذا الرجل، ثم واعدهم أن يأتوه عشاء حين يهدأ عنه الناس، فجاءوه فناداه رجل منهم، فقام ليخرج إليهم، فقالت له امرأته: ما طرقوك ساعتهم هذه لشئ مما تحب. قال: بلى إنهم قد حدثوني حديثهم. فخرج إليهم، فاعتنقه محمد بن مسلمة، وقال لأصحابه لا تستنكروا إن قتلتموني وإياه جميعا. قال: وطعنه بعضهم بالسيف في خاصرته،