أن عمر رضي الله عنه لما استخلف قام فحمد الله وأثنى عليه وبدأ بآي من القرآن، ولم يكبر. ثم قال: أيها الناس إني نظرت في أمر الاسلام. فإذا هو إنما يقوم بخمس خصال، فمن حفظهن وعمل بهن وقوي عليهن فقد حفظ أمر الاسلام، ومن ضيع منهن خصلة واحدة فقد ضيع أمر الاسلام، ألا فمن كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر فإن حفظتهن وعملت بهن وقويت عليهن إلا وآزرني، ألا ومن كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر فإن ضيعت منهن خصلة واحدة إلا خلعني خلع الشعرة من العجين، فلا طاعة لي عليه. قال: فقام إليه عمار بن ياسر فقال: وما هذه الخمس الخصال يا عمر؟ فقال:
أما الأولى فهذا المال من أين آخذه أو أين أجمعه، حتى إذا أتى أخذته من مآخذه التي أمرني الله أن أضعه فيها حتى لا يبقى عندي منه دينار ولا درهم، ولا عند آل عمر خاصة، وأما الثانية فالمهاجرون تحت ظلال السيوف أدر عليهم أرزاقهم، وأوفر عليهم فيئهم، ولا أجمرهم (1) في المغازي، وأكون أنا أبا العيال حتى يقدموا.
وأما الثالثة فالأنصار الذين آووا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونصروه وواسوه في دمائهم وأموالهم، أدر عليهم أرزاقهم، وأوفر فيئهم، وأفعل فيهم وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبل محسنهم وأعفو من مسيئهم. وأما الرابعة فللعرب فإنهم أصل الاسلام ومنبت العز، أثبتهم على منازلهم، وآخذ من أموالهم صدقة أطهرهم