ذلك، بل قد يؤيده أيضا إيجاب الرد عند السفر، ولا ريب في أولوية المقام منه.
ولعله لذا وغيره حكي عن التذكرة وأكثر الشافعية ذلك، أو ما يقرب منه لكن قيل: إنه رجع عنه بعد ذلك إلى الاكتفاء بالوصية، وظني أنه ليس رجوعا، بل كان ذلك منه لبيان الاكتفاء في الجملة ولو في بعض الأحوال، ومنه يعلم عدم منافاة ما ذكرنا لاطلاق الأصحاب وجوب الاشهاد المحصول على إرادة بيان القضية المهملة للقطع بعدم إرادة تعيين ذلك على كل حال، فإنك قد عرفت عدم انحصار الطريق فيه، ولعدم الدليل على وجوبه تعبدا كما هو واضح بأدنى تأمل.
ومنه يعلم ما في المسالك وغيرها من كتب الأصحاب، بل لعل ما فيها لا يخلو من تناف فلاحظ وتأمل.
ولو لم تظهر له أمارة الموت بل مات فجأة مثلا لم يكن عليه ضمان قطعا، لعدم التفريط، خلافا للمحكي عن إيضاح الفخر من الحكم به أيضا، لأن الوصية و الاشهاد سبب في منع الوارث من جحودها، وفي وجوب أدائها ظاهرا إن علم بها، وفي نفس الأمر إن لم يعلم، وذلك كله سبب للحفظ، فتركه ترك سبب الحفظ، ولا معنى للتفريط إلا ذلك.
وفيه منع كونه مع ذلك سببا عقلا أو شرعا أو عرفا وإلا لوجب الاشهاد على الوديعة من أول قبضها كي لا يكون مفرطا ضامنا، وهو معلوم البطلان، والاحتمال إذا لم يكن جاريا مجرى العقلاء لا يلتفت إليه كما هو واضح بأدنى تأمل.
نعم حيث يخشى عليهما التلف على وجه جار مجرى العقلاء كما إذا ظهرت أمارة الموت اتجه حينئذ وجوب الاشهاد والايصاء الذي يكون به حفظ الوديعة، من غير فرق بين الوارث والأجنبي، ولا عبرة بغيره كالايصاء إلى فاسق، أو بلا إشهاد أو نحو ذلك، كما لا عبرة بالايصاء بها بلا تعيين لها ولا لمكانها كقول (عندي وديعة)، أو لفلان، أو ذكر الجنس وأبهم الوصف، كما لو قال عندي ثوب لفلان، ضرورة عدم حفظها بشئ من ذلك، فيتجه حينئذ ضمانه لها مع فرض معلوميتها عنده إلى الموت