أن " على " ظاهرة في وجوب الدفع والتكليف بالرد، فيكون مختصا بالمكلف " لما ستعرفه.
نعم لو أتلفا المال مباشرة بأكل ونحوه، أو تسبيبا باحراق ونحوه، اتجه ضمانها مع تمييزهما، وأطلق في المسالك وغيرها قال: لعموم (1) " من أتلف " الشامل للمكلف وغيره، فيؤدي حينئذ من مالهما إن كان وإلا تخلصا منه بعد التكليف، و فيه ما لا يخفى من أن السبب هنا أقوى من المباشر الذي هو كالحيوان بالجنون وعدم التمييز، ولذا يحكى عن بعضهم عدم الضمان مطلقا، كما لا يخفى ما في الذي ذكره سابقا في اليد، ضرورة أن قوله " على اليد " أيضا من خطاب الوضع الشامل للمكلف وغيره من حيث تسبيب الضمان، وإن وجب الأداء بعد البلوغ، ولفظ " على " إنما يراد منها الاثبات في الذمة، لا تقييد موضوع ذلك بما إذا كان مكلفا.
نعم ربما فرق بين المميز وغيره، فحكم بضمان الأول، دون الثاني الملحق، بالمجنون، لعدم قصد غيره إلى الاتلاف، فكان كالدابة. لكن نظر فيه في المسالك " بأن المقتضى وهو الاتلاف موجود، والمانع غير صالح للمانعية، أما القصد فلا مدخل له في الضمان وعدمه كما يعلم من نظائره، وأما تسليط المالك فإنه إنما وقع على الحفظ، لا على الاتلاف، غاية ما في الباب أنه عرض ماله له، بسبب عدم صلاحيتهما للحفظ، وهو غير كاف في سقوط الضمان عنهما لو باشراه، بخلاف ما لو تركا الحفظ، والأقوى الضمان مطلقا.
قلت: لا يخفى ما فيه بعد الإحاطة بما ذكرناه، والتحقيق أن يقال: إن اليد بغير إذن شرعية، من أسباب الضمان قطعا، من غير فرق بين المكلف وغيره، فلو أودع صبي صبيا أو مجنونا أو مجنون صبيا أو مجنونا فتلف هي في يدهما كانا ضامنين لذلك، والفرق بينهما وبين الدابة، أن لهما ذمة وملكا، وغيرهما بخلافها، وأي فرق في أسباب الوضع بين ذلك، وبين الجناية والحدث وغيرهما.