الخبر المتقدم، مضافا إلى ما عرفت من رجوع الإجارة في هذه الصورة إلى العارية، والحكم فيها عدم ضمان المستعير كما تقدم، وكذلك لو كان جاهلا به لضمان المستأجر فيه، ولو حصل الدفع فيه بالإذن أيضا، فإنه كعدمه لابتنائه على توهم الصحة، فيكون كالإذن المشروط بها، فإذا ظهر الفساد لم يكن ثمة إذن بالمرة، ولعل مراد الأصحاب غير هذه الصورة.
قلت: لا يخفى عليك أن الذي عثرنا عليه من كلام الأصحاب في المقام صريح في عدم ضمان العين المستأجرة في العقد الفاسد، كما صرح به في القواعد وجامع المقاصد، ومحكي التذكرة، بل في مفتاح الكرامة عن الرياض والمجمع التصريح بذلك أيضا في مقام آخر من الإجارة، ولعله لقاعدة " ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده " كما استدل به في التذكرة والجامع، بل لم أجد من صرح هنا بالضمان، وإن كان قد يوجه على تقدير صحة النسبة إلى الأصحاب بما سمعت من عموم " على اليد " المعارض للقاعدة المزبورة من وجه، ويرجح عليها بالنسبة المزبورة، ودعوى العكس باعتضادها بقاعدة الأمانة، يدفعها ما سمعته من الرياض أخيرا من أنه إذا كان الدفع بعنوان الصحة تكون الإذن كالمقيدة بذلك، فمع الفساد ينكشف أن لا إذن، فلا تكون أمانة.
ومن ذلك يعلم أنه لا وجه لفرقه بين العلم والجهل حينئذ، إذا لزعم لا مدخلية له في ذلك، ضرورة قيام الدفع بالعنوان المزبور مقام الزعم المذكور، على أنه قد يقال بعدم اندراج العين في قاعدة " ما لا يضمن " فلا تعارض على اليد حينئذ.
وذلك لأن المراد من الايجاب والسلب فيها ما كان مضمونا بسبب العقد، وما لم يكن مضمونا كذلك على معنى أن الضمان وعدمه فيه مورد العقد كالمنفعة في الإجارة والعين في الهبة، ولا ريب أن عدم الضمان في العين المستأجرة لا مدخلية للعقد فيه، وإنما هو باعتبار كونها أمانة، فيدور الضمان في الفاسدة حينئذ عليها، لا من القاعدة المزبورة.