فقال الشيخ ليس كذلك فذكرت أنا قول الذهبي فيه فقال الشيخ قد حسن له الترمذي حديثا فقلت له أين فقال بعد (1) في حديث يا علي لا يحل لأحد يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك ثم قام من المجلس فجاء بمختصر المنذري لسنن أبي داود فكشف منه شيئا ثم قال انا احفظ هذا الكتاب ثم قال هو دبوس شافي، وحكى ولده قاضي القضاة جلال الدين ان والده كان يلقي الحاوي دروسا في أيام يسيرة من أعجبها أنه ألقاه في ثمانية أيام، وذكر بعض فضلاء الشام عنه انه قال إذا كان اخذ يدرس بالقاهرة أبقى ثلاث ليال وأربع ليال ما أنام أطالع على المكان الذي يدرس فيه انتهى وكان رحمه الله تعالى واسع العلم بحرا لا يجاري ولا تكدره الدلاء وحافظا لا يكاد يفوته من علوم البشر الا ما لا خير فيه، دينا خيرا وقورا حليما مهابا سريع البادرة قريب الرجوع كثير التلطف سريع البكاء في الميعاد مع الخشوع لا يفتر عن الاشتغال والاشغال وكان يسرد مناسبة أبواب الفقه في قريب الكراس ويطرز ذلك بشواهد وفوائد بحيث ان سامعه يقضي انه مستحضر فروع المذهب جميعا، اجتهد في آخر عمره واختار مسائل فانفرد بعلوم شتى ودارت عليه الفتوى وكانت العلماء في جميع الأقطار يعترفون له بالعلم والحفظ مع كثرة الاستحضار وانه طبقة وحده يفوق جميع العلماء الكائنين في زمانه بل إن بعضهم يفضله على بعض من تقدمه من الشافعية
(٢١٤)