والشاميين مما سمعوا منه ومن وجودة ايراده وإصداره مع تودد وتأدب حسن فلم ينازعه واحد منهم في منطوق ولا مفهوم وأقروا له بالتقدم في العلوم، ودمشق إذ ذاك غاصة بالأئمة الفضلاء، واستمر على قضائها إلى أن طلب إلى الديار المصرية فتوجه إليها في عامه يوم الاثنين التاسع من ذي القعدة ومعه جمع ممن شنع على التاج السبكي ليحاققوه عند السلطان ثم كر راجعا إلى دمشق فقدمها في أول يوم من صفر سنة سبعين، وقدم التاج السبكي وقد تولى خطابة الجامع وعدة تداريس فأنف البلقيني من ذلك وتوجه في عاشر الشهر على البريد إلى القاهرة فصرف عن قضاء دمشق في سابع عشر ربيع الثاني بالتاج السبكي وتولى بجامع ابن طولون تدريس المالكية والتفسير وكذا المدرسة الظاهرية البرقوقية لما فتحت وغير ذلك فلما كان في شعبان سنة ثلاث وسبعين تولى قضاء العساكر بحكم وفاة البهاء السبكي ثم تركه لولده بدر الدين محمد في شعبان سنة تسع وسبعين وذلك أن الأمير طشتمر الدوادار عينه لولاية القضاء بالديار المصرية بعد قتل الملك الأشرف شعبان ولم يبق الا ان يلبس فبذل بدر الدين بن أبي البقاء مالا وتولى فانف البلقيني من الجلوس تحته لحداثة سنه واقبل على الافتاء والتدريس وعمل الميعاد فعظم عند الخاصة والعامة بذلك قدره وبعد صيته وانتشر في الآفاق ذكره بحيث ان السلطان لم يكن يعقد مجلسا الا به ويقتدي برأيه وإشارته ودارت عليه الفتوى بحيث انها كانت تأتيه من أقطار الأرض البعيدة وكان موفقا فيها يجلس للكتابة عليها من بعد صلاة
(٢١٠)