لحظ الألحاظ بذيل طبقات الحفاظ - تقي الدين محمد بن فهد المكي - الصفحة ١٨٦
وحصل عليه محنة بسبب ما أفتى به ابن تيمية في مسألة الطلاق (1) قال
(١) من أن ارسال الطلقات الثلاث بلفظ واحد طلقة واحدة، وحشد ابن تيمية حول تأييد هذه الفتوى ما هو نموذج لتمويهه مما لا ينخدع به الا ضعفاء النظر وليس عنده لدى النقد ما يكون شبه دليل على مدعاه، وكاد وقوع الثلاث ان يكون من مواطن الاجماع بين الصحابة حتى عند ابن عباس على ما ثبت بطرق عنه، وأما ما يرويه مسلم عنه فيما انفرد به عن البخاري من أن الثلاث كانت واحدة ففيه أولا ان لفظه محتمل وعند الاحتمال يسقط الاستدلال، وثانيا ان ظاهره المفروض خلاف رواية جماعة من الاثبات عنه فيكون من الشاذ المردود على تقدير تسليم ان فيه بعض دلالة، وثالثا انه خلاف مذهبه المتواتر عنه فيكون مردودا أيضا عند كثيرين منهم أحمد كما بسط ابن رجب في شرح علل الترمذي. ورابعا ان طاوسا مع كونه من الملازمين لابن عباس روى ذلك بواسطة من غير لفظ يفيد السماع، وخامسا ان الواسطة أبو الصهباء وهو ان كان من موالي ابن عباس فمجهول وان كان من غيرهم في طبقته فضعيف، وسادسا ان في بعض طرقه خاطب أبو الصهباء ابن عباس بقوله هات من هناتك وجل مقدار ابن عباس ان لا يرد على هذا السائل قوله وان يقره على قوله، وسابعا ان ظاهره اقرار منه بأنه من هناته المردودة، وقد شهر بين سلف العلماء وخلفهم حكم رخص ابن عباس، وثامنا ان في ذلك وصم جمهور الصحابة الذين وافقوا عمر بعدم تحكيم النبي صلى الله عليه وسلم فيما شجر بينهم باتباعهم للرأي دون النص وهذا جهل عظيم إلى غير ذلك وعد ذلك مما يجوز له سياسة من غير دليل فتح لباب تقويض دعائم الدين. أبعد هذا كله ترجح هذه الرواية على روايات الكافة عن الكافة: ومسلم غير معصوم وابن تيمية الذي لا يتحاشى ان يدعى ان في صحيحه موضوعا أيتورع عن ترجيح روايات الجماعة على روايته عند تضافر