سنة ثمان وثلاثين رجع مع أبيه إلى القاهرة وقد ناهز الاحتلام فاستوطنها وسكن الكاملية مدة وكان في أول قدومه طلب من ناظرها بيتا فاعتل عليه ولم يعطه شيئا فقرئت قصيدة في مدح الناظر وهو حاضر فلما انتهت قراءتها أعاد عليه السؤال في البيت مما أنعم له به فقال له قد حفظت هذه القصيدة من المنشد في مرة وأطلب بيتا فلا أجاب إليه! فقال الناظر له: ان كنت حفظتها أعطيتك البيت فسردها في الحال فبادر له ببيت في الدور الثاني فوق باب الميضأة وأقام به مدة ثم انتقل إلى بيته المعروف به بقرب الصهريج الذي بها وولي بها عند القاضي عز الدين بن جماعة نقابة الحديث وواظب على حضور الدرس بالقاهرة وأكب على الاشتغال في فنون العلم والفقه والأصول والفرائض والنحو حتى فاق رفقاءه ثم أقبل على الحديث وحفظ متونه ورجاله.
فحاز من ذلك علما جما حتى أربى على أقرانه وصار احفظ أهل زمانه لمذهب الشافعي رضي الله عنه فاشتهر بذلك، وطبقة شيوخه متوفرون ولم تر العيون أحفظ منه خصوصا لأحاديث الاحكام والفقه، وطلب الحديث فسمع منه الكثير غالبه بغير اعتناء من ذلك على أحمد بن محمد بن عمر الحلبي آخر أصحاب الكمال الضرير وأبي الحسن بن السديد ومحمد بن عالي وأحمد بن كشتغدي والخطيب أبي الفتح الميدومي والعلامة شمس الدين محمد بن القماح وأبي إسحاق بن القطبي والأستاذ أبي حيان وإسماعيل بن إبراهيم التفليسي وابن شاهد الجيش وشمس الدين بن عدلان ونجم الدين الأسواني وزين الدين الكناني وأبي الحرم القلانسي