الأوهام تناطح دعوة الحق، وقحة وصلف من سماسرة الأهواء تطاول هتاف الصلاح، فلم يبرح الحجاج قائما على ساق في قرون متطاولة، غير أن المستشف لنفس الأمر يجد نصب عينه أن للحق دولة وللباطل جولة، وأن عقيرة الجهل وإن علت أحيانا فإن نور المعرفة لا يفتأ متبلجا، وعرف الحقائق الراهنة لا يزال متأرجا، فهي بين ألق وعبق تكتسح ظلمات الغي، وفتن الرعونة، وإن طال لصاحب الهلجة تركاضه.
نعم: حسب أبناء حزم وتيمية والقيم وكثير وحجر ونظرائهم أن ما سبقوا إليه من القذائف والطامات ستنطلي بين الرجرجة الدهماء، وسوف تكتسي في الأجيال المقبلة رونقا يضعضع أركان المذهب، ذهب على الأغرار أن نوابغ القرون سيقفون لهم بالمرصاد، وأن المستقبل الكشاف بفضل التنقيب من رجالاته لا محالة يكشف عن سوأتهم، فيتجلى للملأ الباحث أنهم لم يردوا برهنة الهدى إلا (كما ردها يوما بسوأته عمرو).
وشتان بين علال أقيمت على أسس رصينة وبين ما علي على شفا جرف هار، وهل الفرية تدحر شيئا من الصد؟ وبالفتاوى المجردة يحاول الحجاج؟
عبثا حاولوا تشويه سمعة الشيعة بنسب مختلقة، ورد حججهم بشبه تافهة، وفي الأمة بحاثة تميز الشعرة من الشعرة، وتضم الذرة إلى الذرة، وفي القرن الرابع عشر صاعقة عاد أو عذاب واصب، أو أن في عصر النور إعصار فيه نار تذرو ما أنبتوه رمادا.
قيض المولى سبحانه للعصر الذهبي بطل النهضة العلمية، بطل الجهاد والحفاظ، بطل التحقيق والتنقيب، والمثل الأعلى من كل فضيلة، وعلم العلم الخفاق، ومنار الهدى العلامة الحجة (الأميني) الأمين، فيمم أمته في يمناه كتابه الضخم الفخم، ذلك الكتاب الذي لا ريب فيه هدى للمتقين، قائلا بملء ء فمه: هاؤم اقرأوا كتابيه، ففيه البرهنة الصادقة، والحجة الدامغة، وفيه الطريق المهيع، والسبيل الجدد، وفيه حياة الحقائق، وبوار الأوهام، فإن سحب الشبه وإن أطلت