تاهت الفئة الضالة البابية " البهائية " في غلوائها، وأقصت زبانية العبث والفساد ومهملجي نهمة الأطماع، لما لهم من مكاء وتصدية، فعاثوا في البلاد الفساد، وأزهقوا النفوس المحترمة، وأراقوا الدماء الزكية، وأبدوا من الهمجية ما تقشعر منها الجلود، وكان من ضحايا ثورتهم في قزوين شيخنا المترجم، لما أبداه من الفتوى بتكفير القوم ورده على ضلالهم على رؤوس الأشهاد، وكان ذلك يبهضهم ويفت في عضدهم.
ولم يزالوا يتربصون به الدوائر، حتى أنه خرج في منتصف ليلة الواقعة - على عادته الجارية - إلى المسجد آخذا فيه بأطراف العبادة والتضرع والبكاء، ولما أزف الفجر دخل عليه المسجد لمة من الطغمة البابية، وهو يبتهل إلى المولى سبحانه بقراءة المناجاة الخامسة عشرة، وهو ساجد، طعنوه بالرمح على رقبته وثنوه بطعنة أخرى، فرفع رأسه من السجود وهو يقول: لم تقتلوني؟ فأتته طعنة ثالثة على فمه الشريف، وأثخنوه بجراحات ثمان، فبادر - مع ذلك - إلى الخروج عن المسجد، حذار تلويثه بدمه الزكي، وإذ بلغ باب المسجد سقط على الأرض مغشيا عليه.
ثم حمل إلى داره وقضى نحبه، بعد يومين، لم يتسن له فيهما الكلام، لمكان الجراح في فمه ولسانه، لكنه كان يتذكر عطش الإمام الحسين (عليه السلام) قتيل الطف ويرخي له الدموع حتى استشهد على ذلك، وله أسوة حسنة بجده.
وكان ذلك في سنة " 1264 ه "، ودفن بجوار البقعة المعروفة " شاهزاده حسين ".
ورثاه العلامة الشيخ درويش بن علي بن الحسين البغدادي:
فلا غرو في قتل التقي إذا قضى * قضى وهو محمود النقيبة والأصل له أسوة بالطهر حيدرة الرضا * وقاتله ضاهى ابن ملجم بالفعل ويروي عن أستاذه العلامة صاحب " الرياض " والشيخ الأكبر كاشف الغطاء، وله كتب قيمة منها: " منهاج الاجتهاد في شرح شرائع الإسلام "،