طول البحث والكلام والمواظبة التامة على صحته العامة، وعدم إجهاد نفسه في الكتابة والمطالعة، إلا أنه إلى جانب عمله المضني، وسهره في المطالعة والكتابة وجد نفسه أمام مسؤولية دينية كبيرة في تلك القارة، تلزمه تسنم منبر الخطابة للوعظ والارشاد وتوجيه المسلمين ودعوتهم للتمسك بكتابهم المقدس القرآن الكريم، والسير وراء سننهم الدينية، وما جاء به النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم).
ونظرا لانحراف صحته اقتصر بالحضور على مجالس عديدة، عقدت للاستماع إلى أحاديثه الشيقة، ومحاضراته البليغة، ومواعظه الحسنة الصادرة من القلب، وقد حضر في كل منها جمهور غفير من مختلف الفئات، وشتى الطبقات، يتجاوز عددهم عشرة آلاف، وكان يلقي في كل من تلك المشاهد والمحافل - وكانت تستغرق زهاء ساعتين - محاضرات دينية تحوي بحوثا عالية، ونصائح غالية، وإرشادات ثمينة، وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر، تتميز بالدعوة إلى توحيد الكلمة ووحدة الصف تحت لواء الولاية الكبرى التي أمر بها المولى في كتابه، ونص عليها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في خطبه وأحاديثه، واعتذر عن تلبية طلبات كثيرة في الأمر ذاته وجهت إليه من شتى أنحاء الجمهورية الهندية، وذلك لما كان يتطلبه هدفه السامي وغرضه النبيل في المطالعة من الوقت الكثير.
خاتمة المطاف اعتزمنا الأوبة إلى وطننا العزيز، عاصمة العلم والدين - النجف الأشرف - مشهد سيد المسلمين، صنوا النبي الأعظم، أمير المؤمنين، ومرتكز خلافته، في الساعة السابعة بعد ظهر يوم 19 ذي الحجة، فغادرنا بمبي بطائرات الخطوط الجوية الإيطالية إلى كراچي، ومنها - بعد استراحة ساعة - إلى طهران، ومنها - بعد وقفة سويعات - إلى بغداد، وفي الساعة التاسعة من صباح يوم 20 ذي الحجة، هبطنا مطار بغداد وتمت السفرة المباركة أربعة أشهر.
كان هذا عرضا موجزا لرحلة شيخنا الأكبر، شيخ الفقاهة والتأليف،