بالخصوص ضايع.
وقد نقل عن أويس أنه في بعض الليالي يقول: هذه ليلة الركوع ويتم الليلة بركوع واحد، وفي الليلة الأخرى يقول: هذه ليلة السجود ويتمها بسجدة، فقيل له:
يا أويس كيف تطق على مضي الليالي الطويلة على منوال واحد؟ فقال أويس: أين الليلة الطويلة؟ فياليت كان من الأزل إلى الأبد ليلة واحدة حتى نتمها بسجدة واحدة ونتوفر الأنين والبكاء إلى آخرها.
وقد ذكر في حبيب السير نقلا عن بعض الكتب المعتبرة أن أويسا ذات يوم يتوضأ في طرف ماء الفرات، فسمع صوت الطبل، فسأل ما هذا الصوت؟ فقالوا: إنه صوت طبل عسكر المولى أمير المؤمنين عليه السلام حيث يذهب إلى حرب معاوية، فقال أويس: ليس عبادة أفضل من الملازمة ومتابعة علي المرتضى عليه السلام، فسعى إليه وكسى غاشية الموافقة إلى أن شرب شربة الشهادة رضي الله عنه.
ونقل عن تحفة الأحباء عن عبد الله بن عباس أنه قال: لما استقررنا في موضع ذي القار في خدمة مولانا أمير المؤمنين عليه السلام، فتوجه عسكر الكوفة وتوابعها ولواحقها إلى حضرته عليه السلام، فقال عليه السلام: انه يجمع لنا اليوم عشرون كتيبة، كل كتيبة عبارة عن ألف رجل، فتعجبت من هذا الكلام واستبعدته في نفسي.
فعلم عليه السلام بالفراسة هذا المعنى، فأمر أن يستقيموا رمحين في الأرض حتى يعبر كل من يلحق بعسكره من بين الرمحين، ثم يعدونه ويحصوه، فلما قرب اليوم بالغروب وبلغت الكتائب إلى العدد الموعود ونقص منها رجل واحد، فعرضوا أفراد الكتائب عند مظهر العجائب والغرائب، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: يأتي الناقص من العدد، فإذا رأى المباشر شيبا راجلا في ظهره الزاد وفي عنقه قربة الماء أصفر اللون ضعيف الجثة يسعى إلى خدمته عليه السلام.
فلما وصل إلى حضرته فأدي التحية والثناء وعمل رسوم التواضع، فأجابه وأكرمه سأل عن منزله ومأواه وقبيلته واسمه، فقال: يا أمير المؤمنين أنا أويس القرني،