وهم المطهرون بل عين الطهارة.
ومع هذه الحالات واتصافه بأقسام الكمالات قد ضربه الخلفاء ذوي الجلافات كثيرا، حتى أعوج عنقه وبقي كذلك إلى أن مات.
وقد نقل عن سيد المتألهين السيد حيدر بن علي الآملي في كشكوله أن رواة الحديث قد رووا عن عبد الله بن عفيف عن أبيه أن سلمان قبل بعثة الحضرة النبوية جاء بمكة ويفتش ويستفسر عن دين الحق، ولما بعث صلى الله عليه وآله جاء إليه، ففاز بشرف الاسلام، وكان لم علم وعمل، فرأى أن يشاوره بأي شخص يبتدئ بالدعوة، وكان غرضه من مشاورته استعلام ما في ضميره من تحقق الاخلاص والنفاق.
فشاوره فأجاب بأن يبتدئ في الدعوة على أبي فصيل عبد العزى ابن أبي قحافة، وعلل بأنه في العرب يعلم التعبير وتأويل المنام معروف، ويزعمون أنه نوع من علم الغيب ويعتقدون به، ومع ذلك كان ذا الحسب والنسب ومعلما للأطفال، ويرجعون إليه في معاملاتهم ويشاورون معه في أمورهم.
ثم قال: إذا أسلم هذا الرجل في يدك وآمن برسالتك يشتهر نبوتك بين العرب، ويعتبرون بك ويلين قلوبهم، وينخفضون عن عصبية الجاهلية، ويستعدون للهداية والارشاد، ينتظرون موسم السداد وتتصرف في أمزجتهم، فإنهم بملاحظة الكتب السابقة وأخبار الكهنة قد علموا مجئ النبي الأمي خاتم الأنبياء، وهم بواسطة طلب الجاه والمنزلة الرفيعة يظهر لهم المساعي الجميلة، ويخيلون العرب أن إطاعة مثل هذا الرجل دليل على حقية دينك ومذهبك.
ثم قال: وان ابتدأت بغيره في الدعوة يظهر العناد والمكابرة، وينجر إلى الفساد والمبارزة، ويتعصب عصبية الجاهلية، ويوسوس في صدور الناس، فيصعب عليك الامر، ولا يسهل الا مع طول الزمان ومرور الدهور والشهور.
ثم شاور ذلك مع أمير المؤمنين عليه السلام وأبي طالب، فاستصوبا رأيه واستحسنا مسلكه. فلقى صلى الله عليه وآله أبا بكر وألف قلبه مدرجا حتى مال إليه بواسطة همته العالية، وقد أسلم طلبا للجاه والتوسعة، وغير كنيته بأبي بكر وبدل اسمه