ويظهر ذلك لمن تتبع في كتبهم أن الشيخ أبا علي في رجاله لم يسلك مسلك سائر أئمة أهل الفن، بل اقتصر على معلومي الحال وترك المجهولين رأسا حتى الفقاهتي، نظرا إلى عدم الاعتداد بكل مجهول.
كيف؟ ويؤول هذا الكلام إلى أن الأصل هو الوثاقة والايمان أو العكس، وكل منهما محل للبحث سيما بالنسبة إلى زمن الأئمة، واختفاء المذهب الحق وشيوع التقية وطغيان أهل الفسق والفجور وأغلبيتهم وقلة أهل الايمان في الأزمنة السابقة نعم يمكن الاتكال على الرواية بعنايات خارجة لا تخفى على المدرب.
ومما يؤيد ذلك ما عن تذكرة الأولياء أن عليا عليه السلام وعمر أعطيا خرقة النبي صلى الله عليه وآله حسب الوصية أويسا، فلما رآه الثاني أن ثوبه وكساه شعر الإبل ووبره ورأسه ورجليه مشكوفان، وكان له رئاسة الدنيا والدين تغير حاله، فقال عمر: من يشتري الخلافة مني برغيف من الخبز؟ فقال له أويس: يا عمر أي شخص لا يكون له العقل، وأي شئ تبيعه أطرحها حتى يأخذها من شاءها ممن هو لائق للخلافة.
لا يخفى أن كلامه مشعر بالطعن على الثاني من مقالته هذه غير موافقة لباطنه، فإنه لم يضعها أبدا والا لم يعلقه على البيع ومشتريها من أهل الضلال، كطلحة ومعاوية وزبير يشتريها بأعلى القيم ولو بمائة نفس فكيف بالرغيف.
وأيضا قد نقل عن الكتاب المذكور أنه لما سكت أمير المؤمنين عليه السلام عن المكالمة مع أويس خاطبه عمر، وقال: يا أويس لم لم تأت حتى ترى النبي صلى الله عليه وآله؟ فقال له: فهل رأيته؟ قال: نعم فقال له: رأيت جبينه، فان رأيته فهل حاجباه مفرجتان أو مضمومتان، فسكت عمر وعجز عن الجواب. ولا يخفى ما فيه من الدلالة على الاستهزاء به والجهل، وكونه أجنبيا عن النبي صلى الله عليه وآله.
وأيضا قد روى أن عمر قد استدعى منه الدعاء فقال له: اني في كل صلاة في التشهد نقول: اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، فان كنت من أهل الايمان يستدركك هذا الدعاء والا لا نضيع الدعاء وفيه اشعار بسوء عاقبته، ولذا قد علم أن دعاءه