فقال خوارزم شاه: ان أبا علي وأبا سهل قد ذهبا قبل ورودكم بفاصلة عدة أيام إلى خراسان، وأما أبو ريحان وأبو الخير فهما حاضران ولا نضايق من ارسالهما إلى خدمة السلطان، فأخبروه من تلك الوقعة فقالوا: إن المقصود هو الشيخ الرئيس.
ثم أمر النقاشين أن يتصوروا صورته في قطعات من الحرير مع جميع اماراته، فأرسل إلى كل صوب صورة من الصور ليأخذ الحكام والمباشرون ذا الصورة ليرسلوه إليه.
ثم أن أبا علي وأبا سهل لما بلغا في أرض بين خوارزم وباورد قد غلطا الطريق، فتوفى المسبحي من شدة العطش، ونزل أبا علي مع كمال المشقة والصعوبة بباورد، فقارن وروده مع ورود رسول السلطان محمود حامل الصورة.
فلما اطلع الشيخ من تلك الحادثة توجه إلى جرجان، وكان في ذلك الزمان صاحب الامر والأيالة شمس الدولة أبو المعالي قابوس بن وشمكير بن زياد، وكان ممن زاد من ملوك العصر بمزيد الفضل وحسن الخط، فلما بلغ إلى المقصد آوى إلى خان من خانات تلك البلدة، وصار مشغولا بمعالجة الأمراض، فاتفق صحة المرضى مع وفورهم بتداويه ومعالجته، فاشتهر في البلد اشتهارا تاما.
وكان ابن أخت قابوس مريضا، كلما سعي في علاجه الأطباء لم يفد ولم ينقص مرضه بل زاد، فعجزوا عن علاجه، فأمر قابوس باحضار أبي علي بعد اشتهاره، فجلس عند المريض فلم يفهم من النبض والقارورة منشأ المرض وتوليده من أي خلط من الاخلاط فيداوي بما يناسبه.
ثم بعد التأمل احتمل كونه من أحوال العشاق والستر انما هو للحياء، فحينئذ أمر بكتابة محلات الشهر، فقرؤا الكل وإصبعه في نبض المريض، فلما وصلوا إلى اسم محلة المعشوق حصل الاختلاف في نبض العاشق، ثم أمر بذكر أسامي ديار تلك المحلة، فلما بلغوا إلى دار المطلوب فحرك النبض أيضا، ثم أمر بذكر أسامي ساكنيها إلى أن ذكروا اسم المحبوب، فزاد النبض في الحركة.
فخاطب الشيخ الرئيس امناء قابوس، بأن هذا الشاب عاشق ببنت