ظن أنه وجد نخرة (1) الغراب فتصدى لما عجزت عنه أشياخه المتقدمون عن التفصي من الزام شيخنا المذكور والجواب، وبينا ما في جوابه من الخروج عن جادة الحق والصواب، ومن أحب الوقوف على مباحثات شيخنا المذكور مع مشايخ المعتزلة والزاماته لهم، فليرجع إلى كتاب المجالس الذي جمعه سيدنا المرتضى من كلام شيخه المذكور.
وفي تاريخ ابن كثير الشامي توفي سنة ثلاث عشرة وأربعمائة، عالم الشيعة وامام الرافضة، صاحب التصانيف الكثيرة المعروف بالمفيد وبابن المعلم أيضا، البارع في الكلام والجدل والفقه. وكان يناظر كل عقيدة بالجلالة والعظمة في الدولة البويهية.
كان كثير الصدقات عظيم الخشوع وكثير الصلاة والصيام خشن اللباس، وكان عضد الدولة ربما زار الشيخ المفيد، وكان شيخنا ريعا نحيفا عاش ستا وسبعين سنة، وله أكثر من مائتي مصنف، وكان يوم وفاته مشهورا، وشيعه ثمانون ألفا من الرافضة والشيعة انتهى.
ولله در من قال:
مناقب شهد العدو بفضلها * والفضل ما شهدت به الأعداء.
وقال في كتاب مجالس المؤمنين: وهذه الأبيات منسوبة لحضرة صاحب الامر عليه السلام وجدت مكتوبة على قبره:
لا صوت الناعي بفقدك انه * يوم على آل الرسول عظيم ان كنت قد غيبت في جدث الثري * فالعلم والتوحيد فيك مقيم والقائم المهدي يفرح كلما * تليت عليك من الدروس علوم وهذا غير بعيد بعد ملاحظة نزول التوقيعات منه عجل الله تعالى فرجه له، ولنذكرها تيمنا وتبركا لما فيه من مزيد التعظيم والاجلال والفوائد الحسنة، نقلها الشيخ أبو منصور أحمد بن أبي طالب في كتاب الاحتجاج.