قال: بمعنى الأولى، فقال الشيخ: فما هذا الخلاف والخصومة بين الشيعة والسنة في الخبر، فقال القاضي: أيها الأخ هذا الخبر رواية وخلافة أبي بكر دراية، والعاقل لا يعادل الرواية بالدراية.
فعدل الشيخ إلى مسألة أخرى وأعرض عن النزاع في الأولى، فقال: ما تقول في قول النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام: حربك حربي وسلمك سلمي، فقال القاضي: الحديث صحيح، فقال الشيخ: ما تقول في أصحاب الجمل فإنهم بناءا على ما تقول كفار، فقال القاضي: أيها الأخ أنهم تابوا، فقال له الشيخ:
أيها القاضي الحرب دراية والتوبة رواية، وأنت قد قررت في حديث الغدير أن الرواية لا تعارض الدراية.
فصار القاضي متحيرا مبهوتا ووضع رأسه ساعة، وبعد ذلك رفع رأسه وقال:
من أنت؟ فقال له الشيخ: محمد بن محمد بن النعمان الحارثي، فقام القاضي من مكانه وأخذ بيدي الشيخ وأجلسه على مسنده، وقال له: أنت المفيد حقا، فتغيرت وجوه علماء المجلس مما فعله القاضي بالشيخ المفيد.
فلما أبصر القاضي ذلك منهم، قال: أيها الفضلاء والعلماء ان هذا الرجل ألزمني وأنا عجزت عن جوابه، وإن كان عند أحد منكم جواب عما ذكره فليذكره ليقوم الرجل ويرجع إلى مكانه الأول. ولما انفصل المجلس شاعت هذه الحكاية ووصلت بعضد الدولة، فأرسل إلى الشيخ رسالة وسأله، فحكى له الشيخ الحكاية، فخلع عليه خلعة سنية وأمر له بفرس محلى بالزينة، وأمر له بوظيفة يجري عليه (1) انتهى.
أقول: ووقوع القضيتين محتمل.
قال في اللؤلؤة بعد ذكر ما عن المجالس أقول: ولنا في هذا المقام بحث شريف في كتاب سلاسل الحديد في تقييد ابن أبي الحديد، حيث أن بعض النصاب