وكان رئيسا في دار السلطنة أصبهان وشيخ الاسلام فيها، وله منزلة عظيمة عند الشاه عباس المرحوم، وله صنف الجامع العباسي بالفارسي، وقد نقل عنه حكايات عجيبة بعضها يشبه بالكرامات الجزيلة.
وكان مولده ببعلبك غروب شمس يوم الخميس لثلاث عشر بقين من شهر محرم الحرام سنة الثالثة والخمسين وتسعمائة، وتوفي لاثني عشرة خلون من شوال سنة الحادية والثلاثين بعد الألف وقيل: سنة الثلاثين بعد الألف، وكان موته بأصبهان.
ونقل جسده الشريف قبل الدفن إلى المشهد المقدس الرضوي، وقبره هناك معروف مزار للخواص، ولأهل المشهد المقدس اعتقاد تام في طلب الاستشفاء ببركة قبره الشريف.
فالطعن عليه بالقول بالتصوف كما يتراءى من بعض كلماته وأشعاره ظنة وافتراء، ومع ذلك نجيب عما ربما يوهم ذلك من عباراته، بأنه طاب ثراه كان يعاشر كل فرقة وملة بمقتضى طريقتهم ودينهم وملتهم وما هم عليه، حتى أن بعض علماء العامة ادعى أنه منهم، واليه أشار السيد الجزائري.
وربما يطعن عليه بأن له بعض الاعتقادات الضعيفة، كاعتقاد أن المكلف إذا بذل جهده في تحصيل الدليل، فليس عليه شئ إذا كان مخطئا في اعتقاده ولا يخلد في النار وإن كان بخلاف أهل الحق، قال: وهو باطل قطعا، لأنه على هذا يلزم أن يكون علماء أهل الضلال ورؤساء الكفار غير مخلدين إذا أوصلتهم شبههم وأفكارهم الفاسدة اتباع لأهل الحق، كأبي حنيفة وأحزابه.
وفيه نظر ظاهر، إذ يجوز أن يقال: بل هو المتيقن من ملاحظة كلمات أهل الضلال أنهم لم يبذلوا الجهد في طلب الحق والسداد، فلا يتم الايراد بهم، والله تعالى يقول: ﴿والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا﴾ (1) والغالب فيهم الاقتداء بدين الآباء والأمهات والاقتفاء بالاسلاف محض العصبية والغباوة.