مرسلة، فلا تعارض التوثيق لعدم العلم بالقائل، ولا وجه لعد الرجل في قسم الضعفاء.
فإن قلت: مقتضى عد العلامة الرجل في قسم الضعفاء قبول قول ابن الغضائري، وحينئذ يكون توثيقا له، والجرح مقدم على التوثيق كما قرر في موضعه.
قلت: لهذا الكلام وجه وكثيرا ما يخطر بالبال، حيث إن المتأخرين يردون قول ابن الغضائري بجهالة الحال، ويقبلون قول العلامة في التوثيق، واحتمال غفلة العلامة عن حال ابن الغضائري لا وجه له، بل لا ينبغي ذكره.
نعم؛ الحق ما قرره الوالد (قدس سره) مشافهة من أن العلامة لا يعتمد على توثيقه لما يعلم من حال الخلاصة أنه أخذها من كتاب ابن طاوس، وأوهام ابن طاوس كثيرة كما نبه الوالد (قدس سره) في حواشي كتاب ابن طاوس، وحينئذ فالتوثيق إذا كان من المتقدمين اطمأنت النفس إليه.
والحال أن توثيق ابن الغضائري - وهو أحمد بن الحسين - غير معلوم من كتب المتقدمين، فإن قلت:
أي فرق بين العلامة والشيخ والنجاشي لأنهم لم يشاهدوا الرجال المذكورة في كتبهم، واحتمال السهو قائم في الجميع؟ قلت: الفرق يظهر بملاحظة الكتب، فإن ذلك أعدل شاهد على ما ذكرناه " م د ".
مضى ذكر ابن الغضائري في مواضع منها: في عنوان إبراهيم بن عمر اليماني، وفي كلام " جش ":
" وقد قيل: فيه تخليط "، وليس الأمر كما ظن المحشي " م د " في أمر العلامة آية الله في العالمين، ولعله اشتبه قول الوالد عليه ولم يتحصل مراده، أو كان كلامه في محل معين وواحد من الرجال، ومن المعلوم أن الخلاصة كالشرح للنجاشي وأن عباراتها عين عبارات النجاشي، وصرح الشهيد الثاني بذلك في ترجمة عبد الله بن ميمون.
والعجب أن العلامة في " صه " لم يذكر شيئا يخالف ما ذكره الأصحاب موافقة لابن طاوس إلا في عبد الله بن الفضل بن عبد الله [بن] ببة كما يأتي في الإكليل في محله، وهذا دليل واضح على أن المحشي لم يتحصل مراد الوالد.
وبالجملة القول بأن العلامة لا يعتمد على توثيقه من الأوهام، وليت شعري هل كان حال سيدنا الطاهر الإمام المعظم فقيه أهل البيت السيد بن طاوس (قدس سره) بحيث إن الآخذ من كلامه وكتابه لا يعتمد على توثيقه، بل العلامة يلاحظ كتب أصحاب الفن كلهم سواء، إلا أن النجاشي عنده أثبت من غيرهم، ولذلك ركونه على ما ذكره النجاشي أكثر، ويعتمد على تحقيقه بحسب ما لا يعتمد على غيره، وكتبهم شاهد صدق على ذلك، والمعاصرون للعلامة ومن قاربه كلهم داخلون في حزب العلامة وليس لهم قول، بل كلهم تابعون للأوائل، وتحقيقات العلامة ورأيه الصائب وجودة ذهنه الوقاد ليست مما يخفى على أحد.