قال أستادي العلامة رحمه الله في أوائل شرح الإرشاد في تقوية الاعتماد على رواية الحسين بن المختار في سندها: وقد روى جماعة عن الثقات عنه نصا عن الرضا (عليه السلام).
أقول: ما ذكره رحمه الله في تقوية الاعتماد على روايته يضعفه؛ لأنه يدل على كون الداعي على الوقف هو غير الشبهة، فيشكل حينئذ الاعتماد على روايته، وعلى تقدير الاعتماد بتوثيق ابن فضال والمفيد ليس الوثوق بروايته مع ثبوت روايته النص مثل وثوقه بها لو لم يرد كما لا يخفى.
اعلم أن الناس في اجتناب المعاصي مختلفون، فالعدول يجتنبون عن الكبائر وبعض العصاة يجتنبون عن بعض المعاصي بحيث من عاشرهم وظهر طريقهم بها يحصل له غاية الوثوق باجتنابهم عن معاص مخصوصة مثل الوثوق باجتناب العدول عنها، فإذا شهد المعتمدون بثقة بعض مرتكبي المعاصي - وإن كان متعمدا في ارتكابها - لا يصح الحكم بغفلتهم، لعدم التنافي بين ارتكابه المعاصي المخصوصة واجتنابه عن الكذب في الرواية وكونه ثقة فيها.
فظهر بما ذكرته أن الحسين المذكور - وإن كان واقفيا - مع روايته ما يدل على كونه ناشئا عن بعض الدواعي، فهو ثقة بتوثيق الثقتين " م ح د ".
قوله: " لأنه يدل على كون الداعي... " بإطلاقه غير صحيح، بل ذكره ما يدل بظاهره ما ينافي معتقده يدل على تمام أمانته، وذاك النص ليس بنص صريح على زعمه، بل عنده قول بوجه - ولو كان بعيدا، ويدل عليه ما روى محمد بن إسماعيل بن أبي سعيد الزيات:
قال: كنت مع زياد القندي حاجا ولم نكن نفترق ليلا ولا نهارا في طريق مكة وبمكة وفي الطواف، ثم قصدته ذات ليلة فلم أره حتى طلع الفجر، فقلت له: غمني إبطاؤك فأي شيء كانت الحال؟ قال:
ما زلت بالأبطح مع أبي الحسن (عليه السلام) - يعني أبا إبراهيم - وعلي ابنه (عليه السلام) على يمينه، فقال: " يا أبا الفضل - أو يا زياد - هذا ابني علي قوله قولي وفعله فعلي، فإن كانت لك حاجة فأنزلها به واقبل قوله فإنه لا يقول على الله إلا الحق "، قال ابن أبي سعيد: فمكثنا ما شاء الله حتى حدث من أمر البرامكة [ما حدث] فكتب زياد إلى أبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) يسأله عن ظهور هذا الحديث أو الاستتار، فكتب إليه أبو الحسن (عليه السلام): " أظهر فلا بأس عليك منهم "، فظهر زياد، فلما حدث الحديث قلت له: يا أبا الفضل أي شيء يعدل بهذا الأمر؟ فقال لي: ليس هذا أوان الكلام فيه، فلما ألححت عليه بالكلام بالكوفة وبغداد وكل ذلك يقول لي مثل ذلك إلى أن قال لي في آخر كلامه: ويحك فتبطل هذه الأحاديث التي رويناها (1).
والنص الذي ذكره الحسين هو ما ذكره في العيون: