جعفر يخرجه عن مضمون العنوان، وليس في غيره تعرض للنسيان فيخلو الباب من حديث يطابق عنوانه، وفي التهذيب أورد الثلاثة في الاحتجاج لما حكاه من كلام المقنعة في حكم من نسى طواف الحج وأن عليه بدنة ويعيد الحج، وفي ذلك من القصور والغرابة مالا يخفى.
والجواب أن مبنى نظر الشيخ في هذا المقام على إن الجهل والنسيان فيه سواء وتقريب القول في ذلك أن وجوب إعادة الحج الجاهل يقتضى مثله في الناسي، إما بمفهوم الموافقة لشهادة الاعتبار بأن التقصير في مثل هذا النسيان أقوى منه في الجهل، أو لأن إعذار كل منهما على خلاف الأصل لعدم الاتيان بالمأمور به على وجهه فيبقى في العهدة ولا يصار إلى الاعذار إلا عن دليل واضح وقد جاء الخبران على وفق مقتضى الأصل في صورة الجهل، فتزداد الحاجة في العمل بخلافه في صورة النسيان إلى وضوح الدليل، والتتبع والاستقراء يشهدان بانحصار دليله في حديث علي بن جعفر، وجهة العموم فيه ضعيفة واحتمال العهد الخارجي ليس بذلك البعيد عنه، وفي ذكر مواقعة النساء نوع إيماء إليه، فأين الدليل الواضح الصالح لأن يعول عليه إثبات هذا الحكم المخالف للأصل، والظاهر المحوج إلى التفرقة بين الاشتباه والنظائر؟
والوجه في إيثار ذكر النسيان والاعراض عن التعرض للجهل بعد ما علم من كونه مورد النص زيادة الاهتمام ببيان الاختلاف بين طواف الحج وطواف النساء في هذا الحكم ودفع توهم الاشتراك فيه، واتفق ذلك في كلام المفيد فاقتفى الشيخ أثره وليس الالتفات إلى ما حررناه ببعيد من نظر المفيد ولخفائه التبس الأمر على كثير من المتأخرين فاستشكلوا كلام الشيخ واختاروا العمل بظاهر خبر علي بن جعفر إلا أن جماعة منهم تأولوا حكم الهدي فيه بالحمل على حصول الموافقة بعد الذكر لئلا ينافي القاعدة المقررة في حكم الناسي وأن الكفارة لا تجب عليه من غير الصيد، ويضعف بأن عموم النص هناك قابل للتخصيص