وأما توقيفه للعمل بالرأي على عدم وجدان الكتاب والسنة فغير مخالف لقوله تعالى: * (ما فرطنا في الكتاب من شئ) * (الانعام: 38) إذ المراد منه إنما هو عدم التفريط فيما ورد من الكتاب، لا أن المراد به بيان كل شئ، فإنا نعلم عدم اشتماله على بيان العلوم العقلية من الهندسية والحسابية وكثير من الأحكام الشرعية، وبتقدير أن يكون المراد به بيان كل شئ، لكن لا بطريق الصريح، بل بمعنى أنه أصل لبيان كل شئ. فإنه أصل لبيان صدق الرسول في قوله، وقوله بيان للقياس وغيره: وبه يخرج الجواب عن الآية الأخرى، وأما توقيفه العمل بالسنة على عدم الكتاب، فالمراد به الكتاب الذي لا معارض له ولا ناسخ، ويجب تنزيله على ذلك، ضرورة الجمع بين تقرير النبي عليه السلام، له على ذلك، وبين الدليل الدال على نسخ الكتاب وتخصيصه بالسنة.
وعن السؤال الثاني أنه يمتنع حمل اجتهاد الرأي على الاجتهاد في الاستدلال بخفي نصوص الكتاب والسنة، لان قوله فإن لم تجد عام في الجلي والخفي، بدليل صحة الاستثناء وورود الاستفهام. فتخصيص ذلك بالجلي دون الخفي من غير دليل ممتنع، والتمسك بالبراءة الأصلية في نفي الأحكام الشرعية، ليس بحجة على ما يأتي. فلا يكون اجتهاد الرأي فيه مستندا للحكم.
وبتقدير أن يكون حجة، فذلك معلوم لكل عاقل، فلا يكون مفتقرا إلى اجتهاد الرأي.
وعن السؤال الثالث أنا لا نسلم أن ما كانت علته منصوصة يكون قياس على ما سيأتي.
وإن سلمنا أنه قياس فما ذكرناه، وإن لم يكن حجة على النظام، فهو حجة على غيره.
وعن الرابع أن إكمال الدين، إنما يكون ببيان كل شئ، إما بلا واسطة، أو