الأصل السادس في معنى الاستدلال، وأنواعه أما معناه في اللغة فهو استفعال من طلب الدليل والطريق المرشد إلى المطلوب.
وأما في اصطلاح الفقهاء، فإنه يطلق تارة بمعنى ذكر الدليل، وسواء كان الدليل نصا أو إجماعا أو قياسا أو غيره، ويطلق تارة على نوع خاص من أنواع الأدلة، وهذا هو المطلوب بيانه هاهنا.
وهي عبارة عن دليل لا يكون نصا ولا إجماعا ولا قياسا فإن قيل: تعريف الاستدلال بسلب غيره من الأدلة عنه ليس أولى من تعريف غيره من الأدلة بسب حقيقة الاستدلال عنه.
قلنا: إنما كان تعريف الاستدلال بما ذكرناه أولى، بسبب سبق التعريف لحقيقة ما عداه من الأدلة دون تعريف الاستدلال كما سبق. وتعريف الأخفى بالأظهر جائز دون العكس.
وإذا عرف معنى الاستدلال، فهو على أنواع، منها قولهم: وجد السبب، فثبت الحكم، ووجد المانع وفات الشرط فينتفي الحكم فإنه دليل من حيث إن الدليل ما يلزم من ثبوته لزوم المطلوب قطعا، أو ظاهرا، ولا يخفى لزوم المطلوب من ثبوت ما ذكرناه، فكان دليلا، وليس هو نصا ولا إجماعا ولا قياسا فكان استدلالا.
فإن قيل: تعريف الدليل بما يلزم من إثباته الحكم المطلوب، تعريف للدليل بالمدلول، والمدلول لا يعرف إلا بدليله، فكان دورا ممتنعا. وإن سلمنا صحة الحد، ولكن لا نسلم أن المذكور ليس بقياس، فإنه إذا آل الامر إلى إثبات المدعى، كان مفتقرا إلى المناسبة والاعتبار، ولا معنى للقياس سوى هذا.
قلنا: أما الدور فإنما يلزم أن لو اتحدت جهة التوقف، وليس كذلك، وذلك لان المطلوب إنما يتوقف على الدليل من جهة وجوده في آحاد الصور، لا من جهة حقيقته، لأنا نعرف حقيقة الحكم من حيث هو حكم، وإن جهلنا دليل وجوده. والدليل إنما يتوقف على لزوم المطلوب له من جهة حقيقته لا من جهة وجوده في آحاد الصور. وإذا اختلفت الجهة فلا دور. وما ذكروه في تحقيق