والطرق الظنية منقسمة إلى شرعية وعقلية، وليس من غرضنا بيان العقلية، بل الشرعية.
وهي إما أن تكون موصلة إلى الظن بأمر مفرد، وهي الحدود، أو الظن بأمر مركب، وهي الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة والاجماع والقياس والاستدلال كما سبق تحقيقه. فلنرسم في ترجيحات كل واجد من الطريقين بابا:
الباب الأول في ترجيحات الطرق الموصلة إلى التصديقات الشرعية. والتعارض إما أن يكون بين منقولين، أو معقولين، أو منقول ومعقول. فلنرسم في كل واحد قسما.
القسم الأول في التعارض الواقع بين منقولين والترجيح بينهما منه ما يعود إلى السند، ومنه ما يعود إلى المتن، ومنه ما يعود إلى المدلول، ومنه ما يعود إلى أمر من خارج.
فأما ما يعود إلى السند، فمنه ما يعود إلى الراوي ومنه ما يعود إلى نفس الرواية، ومنه ما يعود إلى المروي، ومنه ما يعود إلى المروي عنه.
فأما ما يعود إلى الراوي فمنه ما يعود إلى نفسه، ومنه ما يعود إلى تزكيته.
فأما ما يعود إلى نفس الراوي فترجيحات.
الأول: أن تكون رواة أحدهما أكثر من رواة الآخر، فما رواته أكثر يكون مرجحا، خلافا للكرخي، لأنه يكون أغلب على الظن، من جهة أن احتمال وقوع الغلط والكذب على العدد الأكثر أبعد من احتمال وقوعه في العدد الأقل، ولأن خبر كل واحد من الجماعة يفيد الظن.
ولا يخفى أن الظنون المجتمعة كلما كانت أكثر كانت أغلب على الظن حتى ينتهي إلى القطع.
ولهذا فإنه لما كان الحد الواجب بالزنى من أكبر الحدود وآكدها جعلت الشهادة عليه أكثر عددا من غيره، وأن النبي، عليه السلام، لم يعمل بقول ذي اليدين قصرت الصلاة أم نسيت حتى أخبره بذلك أبو بكر وعمر. ولم يعمل أبو بكر بخبر المغيرة