المسألة الرابعة إذا استفتى العامي عالما في مسألة، فأفتاه، ثم حدث مثل تلك الواقعة، فهل يجب على المفتي أن يجتهد لها ثانيا، ولا يعتمد على الاجتهاد الأول اختلفوا فيه: فمنهم من قال: لا بد من الاجتهاد ثانيا، لاحتمال أن يتغير اجتهاده، ويطلع على ما لم يكن اطلع عليه أولا.
ومنهم من قال: لا حاجة إلى اجتهاد آخر، لان الأصل عدم اطلاعه على ما لم يطلع عليه أولا.
والمختار إنما هو التفصيل، وهو أنه إما أن يكون ذاكرا للاجتهاد الأول، أو غير ذاكر له، فإن كان الأول، فلا حاجة إلى اجتهاد آخر، كما لو اجتهد في الحال.
وإن كان الثاني، فلا بد من الاجتهاد لأنه في حكم من لم يجتهد.
المسألة الخامسة اختلفوا في أنه هل يجوز خلو عصر من الاعصار عن مجتهد يمكن تفويض الفتاوى إليه؟
فمنع منه قوم، كالحنابلة وغيرهم، وجوزه آخرون وهو المختار.
وذلك، لأنه لو امتنع، لامتنع إما لذاته، أو لأمر من خارج:
الأول محال، فإنا لو فرضنا وقوعه لم يلزم عنه لذاته محال عقلا، وإن كان الثاني، فالأصل عدمه، وعلى مدعيه بيانه.